وهم الخلاص الفردي ..
إسلام حمزة
بعد قرابة ثلاث سنوات.. من إنتهاك جميع أنواع الحقوق والحرّيات.. وبعد كلّ الملاحقات والتتبّعات والإعتقالات والمحاكمات العسكريّة والمدنيّة وما شابها من خروقات..!
بعد قرابة ثلاث سنوات.. من التّركيع الكلّي للقضاء عبر غلق المجلس الأعلى للقضاء المنتخب.. وإعفاء القضاة وتجويعهم.. بمراسيم صادرة عن رأس السّلطة التّنفيذية ممثّلة في شخص رئيس الجمهوريّة.. ونقل القضاة وإسنادهم الوظائف وسحبها.. بواسطة مجرّد مذكّرات عمل تصدر أيضا عن السّلطة التّنفيذية ممثّلة هذه المرة في وزيرة العدل..
بعد وبعد وبعد.. يخرج علينا البعض في وسائل الإعلام ليتظاهر بالصّدمة النّاتجة عن الأحكام في حق برهان بسيس ومراد الزّغيدي..! نفاق ما بعده نفاق..! حيث ودون حياء.. مازالوا يلوكون ويتشدّقون بثقتهم في القضاء..! القضاء المنكوب.. المسلوب لكل شروط الإستقلاليّة والحياديّة..!
يا الله ما كل هذا الإستبلاه..! هؤلاء الجبناء المُداهنون.. هؤلاء المتمعّشون لسنوات من الأصل التّجاري متاع الدّفاع عن الحقوق والحرّيات.. والتبهبير في البلاتوات.. إنهم يُجرمون اليوم في حق البلاد وحق الضّحايا الجدد للإستبداد.. فيخونون أصدقاءهم وأقرب النّاس إليهم..! يخونونهم عبر إيهامهم بخرّافة الخلاص الفردي.. [خلينا ما نكبروهاش.. خلينا نسلكوها.. ملفكم فارغ وأكيد بش تروحوا.. إلخ].. فيباركون ويشجّعون ويدعمون صمت الضّحايا.. وصمت عائلاتهم.. عبر كذبة الثّقة في القضاء.. وينكرون الحقيقة.. بل ويطمسونها بدعوى المهنيّة الزّائفة.. والإبتعاد عن التّجاذبات والتّسييس والتّوظيف..! هؤلاء السّفهاء يضيّعون حقوق البلاد والعباد.. عبر تزييف كلّ من الحقيقة والوعي.. ويخونون الثّقة والقسم.. مقابل الحفاظ على وجاهتهم الإجتماعية.. وسلامتهم من بطش السّلطة..!
هؤلاء المنافقين الذين يدعمون الإستبداد.. هم أكثر سوءا وضررا للأوطان من المستبدّ نفسه..! لكلّ الأوغاد.. كونوا على يقين أنّ الرئيس وبطانته يعرفونكم واحد واحد ولعلّهم في قرارة أنفسهم يحتقرونكم..! صحيح في ثنية التغوّل وعمى الحفاظ على السّلطة قد تُكتم أصواتنا ككمشة من الحقوقيين المزعجين.. ويُرمى بنا قبلكم في الزّنازين..! لكن لا شك عندي وإن “لم ننخرطون” أنّ الرّئيس وبطانته أيضا يعلمون عبر عسّاسيهم.. وإدارييهم.. وتقارير مخبريهم أنّنا على كل حال مبدئيون.. أما أنتم.. مُعبّدوا طريق الإستبداد عبر لعقه وترطيبه بألسنتكم المزفتة.. بعد أن ينتهي دوركم ولم تعد هناك حاجة لتملّقكم وتزفزيفكم.. سينكّل بكم في أوانه شر تنكيل..!
خلاصة القول.. لا يغرّكم كل ما قيل ويقال من زور وتزييف في منابر الإعلام اليوم.. ولا يخدعكم تظاهر هذه السرّيفة من “رجال القانون” بالثّقة في الأحكام والقضاء والإستئناف والطّعون..! فالغاية من الحملة الشّرسة من الإيقافات الأخيرة وما تبعها من أحكام جائرة.. واضحة.. وهي التّخويف وتكميم الأفواه خاصّة مع إقتراب الانتخابات الرّئاسية.. والرّسالة ببساطة تتمثّل في أنّ الحديث والخوض في السّياسة والحقوق والحرّيات والإنتخابات يهز للسّجن..!
لا أكثر ولا أقل ..!
والمطلوب إذا من الصّحفيين “المستقلّين” الإكتفاء ببيع الطناجر.. والمحامين “الحقوقيين” بغسل نفس تلك الطناجر.. أما كبار الكهنة من المحامين “المهنيين” فما عليهم سوى إعداد الطّحين الفاخر..! وهكذا تتكاتف الجهود وتكتمل الطّبخة..! وينجح العرس الإنتخابي..!
ولأنّني لا أتقن إعداد الطّحين..
سأكتفي بغسل المواعين إلى حين 😁 ..
وربّي يسترنا ويستركم أجمعين 😒🚨 ..