مقالات

عبو .. عرّاب الانقلاب..

نصر الدين السويلمي

بعض ما قاله محمد عبو في لقاء إذاعي اليوم الجمعة 19 أفريل 2024.

  • توقّف السير العادي لدواليب الدولة.
  • توّ ما ثمّاش دولة، ثمّ واحد يحكم وحدو.
  • ماعندناش قضاء وحتى سلطة تشريعيّة ما عندناش.
  • من النّهار لولاني بدا الرّعب.
  • في تقرير محكمة المحاسبات اسم قيس سعيّد مذكور 3 مرّات.
  • ما ثمّاش مؤسّسات، ثمّ واحد يحكم وحدو، كمّل نحّى البلاكة متاع وزارة العدل وحطّ معتقل المرناقيّة.
  • إلّي قاعد يصير هو التوقّف العادي لسير دوالب الدولة يلزمها تتقال في الداخل وفي الخارج، إلّي ما يقولهاش توّ ما يعملش فيها بطل بعد سقوط قيس سعيّد، ما نعرفش عليه وقتاش يسقط.. أنا نقول إن شاء الله عن طريق الانتخابات.
  • النظام هذا قاعد يدمّر في كلّ شيء.

وقال غير ذلك….

محمد عبو
محمد عبو

التّعليق والاستنتاج:

على مساوئ الانقلاب وعرّاب الانقلاب، يقيني أنّ قيس سعيّد أفضل من عبو، لأنّ سعيّدا يعتقد أنّه على صواب، ولديه قناعات بأنّه شخصيّة خارقة قادمة لإنقاذ تونس والعالم. إذا مشكلته أنّه يعاني من أميّة سياسيّة مفرطة، ويتصرّف وكأنّ عقله السياسي اختزل عقل عمر بن الخطّاب، وسقراط، ولي كوان يو، ومهاتير محمّد، وبسمارك..

أمّا محمد عبو فهو ذاك المحتال عليم اللسان، لديه قدرة كبيرة على تكييف أفكاره الاستئصاليّة المدكوكة بالكراهية والأحقاد، يحسن تزيين الباطل إلى درجة أنّه يحارب الفيسبوك كمنصّات شعبيّة وكملاذ للصوت الإعلامي الفقير في وجه بارونات الإعلام التقليدي المموّل من رجال الأعمال، والمثخن بعقليّة الأدلجة ذلك المعول الأخطر في إسقاط الثورة والتجربة تونسيّا وعربيّا، وتجاهل أن أفضل ما في هذا العالم الافتراضي أنّه يمكن التصدّي إلى الفكرة بفكرة، ويمكن خوض المعارك السياسيّة دون احتكار ولا فرز أيديولوجي متعفّن. ولمرّات يستغلّ عبو منصّات تلفزيّة أو إذاعيّة لترذيل الإعلام الافتراضي، لأنّه يدرك أنّ الإعلام التقليدي بماله الضخم الفاسد وتنشيطه الاستئصالي اليساري الوظيفي الوطدي، لا يستهدفه هو ولا أمثاله ولا عبير موسي ولا قوى الانقلابات والثورات المضادّة، وإنّما يستهدف كلّ مرجعيّة مبنيّة على هويّة البلاد وثوابتها.

ثمّ إنّ عبو بخلاف الكثير بمن فيهم الأمين العام الحالي للتيّار والعديد من الشخصيّات الأخرى، التي اعترفت بأخطائها قبل الانخراط في التصدّي للانقلاب، بخلافهم انتقل عبو مباشرة من العرّاب الأوّل للانقلاب إلى مواجهة الانقلاب، مع سعيه المقزز لشرعنة وعقلنة دعوته إلى الانقلاب!!!

تصوّر أنّ عبو ما زال يقتات على النّهضة، ويتقرّب إلى قوى معادية للثورة والديمقراطيّة بترذيله للنّهضة، بينما النّهضة التي يتمعّش منها عند البؤر هي التي نجحت في كلّ الاختبارات الشعبيّة وتأهلت بموجبها إلى الحكم، وهي التي قدّمت كلّ التنازلات للشركاء كما الخصوم، وهي التي وقع عليها الانقلاب، وهي التي وقف رئيسها في عقده التاسع أمام البرلمان سويعات بعد إعلان الانقلاب، وهي التي سجن الانقلاب كلّ صفّها الأوّل تقريبا برئيسها ونوّابه ورئيس مجلس شوراها.

أحسب أنّي أمارس السياسة قبل أن يعرفها عبو، وأتابع المشهد قبل أن يتسيّس عبو، من خلال هذه التجربة أجزم اليوم أنّني لم أر شخصيّة أثثت نرجسيّتها على كثبان من التناقضات كشخصيّة عبو، شخصيّة خانت الثورة والديمقراطيّة بإلحاحها على الانقلاب ودعوتها الجيش للتدخل والضغط على سعيد وإيهامه بأنّ الوقت ينفد وأنّ الأمر في غاية الخطورة، حتى إذا استجاب له سعيد ولم يكتف بحرمانه من الشراكة والإشراك والمنصب وحتى الفتات، بل احتقره ولم ينظر إليه أصلا.. حينها عاد إلى صفّ المعارضة بلا مقدّمات، دون أن يغتسل من أدرانه، بل دون أن يتوضأ، بل حتى دون أن يغسل يديه التي تقطر بأحقر جريمة في حقّ حلم الشعب التونسي والشعوب العربيّة.

وأخطر ما في هذا الشخص العرّاب الأوّل لانقلاب جويلية، أنّه بصدد التمهيد للعودة إلى عبثه بعد سعيد، هو يدرك أنّ صراخه في وجه الانقلاب لا يعتد به، ولا يؤثّر حتى في الحمقى لأنّ الجميع سيسأل كيف نصدّق من قال بالأمس القريب أنّ سعيدا هو المخلّص، ثمّ عاد بعد وقت يسير وقال أنّ سعيدا هو المدمّر؟! لذلك هو يعمل لحساب مرحلة تعود فيها الديمقراطية ليعود إلى سلوكه وسلوك العصابة التي أسقطت التجربة.. لقد كان علّة في وجه التجربة، وبطلت علّته وانكفأت في عهد الانقلاب، وها هو يعدّ عدّته ويشحذ ملكات الحقد لديه، حتى إذا أطلّت الديمقراطيّة من جديد قفز ونشب.

في الأوّل طعن الترويكا
ثمّ طعن المؤتمر
ثمّ طعن التيّار
ثمّ أثخن في الثورة
ثمّ نحر الانتقال الديمقراطي..
ثمّ عاد يحملق.. ويجزر.. وينهي ويأمر.. ويطعن في من بكر بالوقوف في وجه الانقلاب!
هل عاد بعد أن تاب توبة سياسيّة أو أخلاقيّة؟
لا والله.. اعتمد الاستغفال الرّخيص ولم يكتف بتبييض جرائمه في حقّ الحلم التونسي العربي، بل قدّمها كمزايا!!!

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock