لا توبة لهم.. عن العائدين من صفوف المنقلب
نور الدين الغيلوفي
أرى بعض الأصدقاء يحسنون الظنّ بالعائدين من صفوف المنقلب المخلَّفة، يدعون إلى حسن تقبُّل هؤلاء وعدم تنفيرهم.. بحثا عن وحدة للصفّ.
وإنّ لي في هذا قولًا:
هؤلاء العائدون ليسوا أكثر من فاكهة حديث.. لا يرقون، حتّى، إلى مقام موضوع يُتحدَّث فيه. هي فقط فرصة للتندّر بقوم يدّعون لهم فكرة وهم دون رسم الهمزة. فنحن نعرّي الجُفاء لكي لا نُخسر الميزان.
كلّ من أعدّ للانقلاب على الديمقراطية ورقص و”زمّر” فرحا بذبح الوطن ولم يُخفِ فرحته بمشهد رئيس البرلمان الشرعيّ واقفا أمام الباب الموصَد، لم يعد صالحا لأن يكون شريكا في خطوة يقطعها الوطن في اتّجاه ما يصبو إليه.
الذين قالوا “خذها ولا تخف” والذين قالوا “نحن أعددنا ونسّقنا وشاركنا”، كلّ أولئك الذين جعلوا أنفسهم صنّاعا لمسار “التصحيح” اختاروا موقعهم طواعيةً وبكامل وعيهم وبمطلق إرادتهم. ولكنّهم لمّا احتقرهم صانع المسار ولم يعبأ بهم يحاولون نفض غباره عنهم، وهم الغبارُ كلّه. ولن يكون نفضٌ لغبار الانقلاب إلّا بنفضهم، فهم غباره وإليه ينتسبون. وهم الذين اختاروا ذلك.. تلك مسؤولية اختيارهم.
الذين طمعوا في مائدة الانقلاب المنزَلة وظنّوا أنّها نزلت لهم ولمّا لم يُدعَوا ليطعموا منها أعلنوا تخلّيهم لا يمكن أن يكونوا أهلا لثقة.. ولو رُدّوا لعادوا لما نُهوا عنه.
كان الانقلاب، بحقٍّ، في وجه وجوهه من قبيل المحنة التي تكشف وتميز “الرجوليّة” من عدم “الرجولية”. وفي اللحظات الحرجة تتيه كل المعايير وتبقى “الرجولية” هي البوصلة. كن من شئت وتبنّ من الأفكار ما يحلو لك ولكن كن ذا “رجوليّة” لا تخون ولا تغدر ولا تعضّ يدا مُدّت إليك ولو كانت لعدوّ.
أظنّ أنّ التوبة مقام رفيع لا يمكن لبعض “الفصايل” أن ترقى إليه. التوبة تَطَهُّرٌ من كلّ الآثام، أمّا من كان هو الإثمَ ذاتَه فلا توبة له.. وهل يتوب الإثمُ من نفسه؟ وهل يعرف مَن روحُهُ الإثمُ توبة؟
هذا رأيي، تكوّن لي بعد أن لزمتُ عقلانيتي طويلا وأحسنت الظنّ بمن ظننتُ له عقلا يمكن أن يهديَه إلى مشترَكٍ ديمقراطيّ إذا فهم معنى الديمقراطية. ولكنّني أعترف الآن أن هؤلاء لا يَصلُحون ولا يُصلَحون. وقد أثمتُ فيهم بحسن ظنّي بهم.
فدعوهم لأنفسهم لأنّ كلّ استئناف لهم لن يكون أكثر من لدغة من الجحر نفسه.تفرح بتوبة من إذا وقف بجنبك أسندك بينما يجلب عليك الضرر إن هو وقف في الجهة المعادية لك. وهؤلاء لا نفع منهم يُرجى ولا ضرر يُخشى، لأنّهم عاجزون بأنفسهم غير قادرين بغيرهم.
ليسوا أكثر من جنس ثالث لا لون له ولا طعم ولا رائحة.
ولا معوَّل لعاقل على من كان مثلهم.
دعوهم مربوطين إلى شأنهم.
أحسنت قولا ورأيا.