تدوينات تونسية

حيوانات بشريّة

نور الدين الغيلوفي

  1. دويلتا البحرين والإمارات احتفلتا، منذ أيّام، بذكرى معاهدة التطبيع مع دولة العدوّ في بثّ تلفزيوني مشترَك في شهر رمضان وحربُ العدوّ على أهل غزّة على أشُدّها منذ أكثر من ستّة أشهر.. وأطفال غزّة يموتون من جوع ومن قصف ونساؤها يمتن من ثُكل ومن يتم وتنكيل ورجالها يموتون من قهر وخذلان وتَرْكٍ في بيئة عربيّة لا تزال تنسب نفسها إلى أخلاق الفرسان.. تجير المستجير وتنجد الملهوف وتطعم الجائع وتؤوي الشريد وتبلّغ الخائف مأمنه.. وتعبد ربّ بيت أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف.

  2. يوآف غالانت وزير الحرب الصهيوني الذي هاجر والداه من بولندا إلى فلسطين سنة 1948 يقول عن الفلسطينيين بمناسبة حربه عليهم إنّهم حيوانات بشريّة وجب القضاءُ عليها.
    وتلك هي عقيدة الرجل الأبيض الأوروبّي الذي يرى في شعوب الأرض الأخرى حيوانات لم تصل في ترقّيها إلى منزلة الإنسان الأوروبي الذي خصّته الطبيعة بوصول مرحلة الارتقاء الأخيرة التي تخوّل له الاستعلاء على بقيّة البشر وتجيز له احتلال أرضهم وإبادتهم واستعمال الباقين على الحياة منهم وإهانتهم بجميع طرق الإهانة.. وذلك هو تمام معنى بشريّته.

غالانت وزير الحرب الصهيوني
غالانت وزير الحرب الصهيوني
  1. العرب جميعهم في عيون الإسرائيليين هم من تلك الفصيلة الحيوانية التي لا حلّ معها إلّا بالخلاص منها. وزير الحرب الصهيوني لم يكن يقصد أهل غزّة وحدهم ولا الفلسطينيين وحدهم ولا العرب ولا المسلمين وحدهم. الحيوانات البشرية التي وجبت إبادتُها هم كلّ سكّان الأرض، حتّى أولئك الذين لا سابق عداوة له معهم إلّا أنّهم يؤمنون بأنّ الناس سواسية وبأنّ ما تفعله دولته بالفلسطينيين إجرام احتلالٍ استيطانيّ وعدوان وجب إيقافُه.. ويرون أنّ من حقّ الذي احتُلّت أرضه أن يستعيدها أو أن يدافع فيها عن نفسه بحسبانه بشرا صاحبَ حقّ في الحرية وفي الكرامة.

  2. غالانت الصهيونيّ لا فرق لديه بين السنوار وعبّاس والسيسي ومحمد بن سلمان وحكّام الإمارات والبحرين والمغرب. كلّ أولئك في نظره هم من فصيلة الحيوانات البشريّة تلك. الفرق الوحيد هو أنّ بعض تلك الحيوانات دوابّ تمشي على أربع لها ظهور يركبها ويجعل من بعضها الآخر منصّات يقصف منها أهل غزّة الواقفين على رجلين.. حتّى إذا أمكنه القضاءُ عليهم بإسناد من تلك الظهور التفت إليها ليعاقبها مرّتين: مرّة لأنّها من فصيلة الحيوانات البشرية نفسها ومرّة لأنّ الذي غدر بأخيه وخان شقيقه لا يؤمن له جانب ولا يُطمأنّ إليه.. وليس أهلا للوثوق.

  3. على أنّ وزير الحرب الصهيوني يعلم جيّدا أنّ هؤلاء الحكّام المذلولين الذين يهرولون إليه يرقصون على وقع قذائفه على أطفال غزّة ونسائها يحكمون بالنار شعوبا تربّى كرهه وكره كيانه على نار قهرها. تلك شعوب لو أنّها وجدت إليه سبيلا لما كان له بينها قرار.. وكونها عاجزة عن التصدّي إليه الآن لا يعني أنّها ستتركه متى صار أمرها بيدها. صحيح أنّ هؤلاء المطبّعين الأذلّين لا يعدون سواتر تحمي المحتلّ من الشعوب، ولكنّهم إلى ذلك يساعدون على تربية أحقاد في شعوب أثبت الزمن أنّها لا تنسى ثأرا لها مهما طال بها الزمن.

  4. جميع العرب في الرؤية الصهيونية الاستيطانية الإحلاليّة هم حيوانات وجب التعجيل بإبادة الذين استووا واقفين على ثنتين مثل البشر منها لوأد ممكن بشريتهم.
    أمّا هؤلاء الذين لا يزال يستطيع استعمالهم فمصيرهم الإبادة مثل أولئك،
    ولكن
    مع تأجيل التنفيذ لا أكثر.

اترك رد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock