العجب مما يصل إليه غباء الأراذل من حكام العرب
أبو يعرب المرزوقي
أن يعجز العرب عن محاربة العالم الغربي الذي يريد تمكين إسرائيل بإرهاب خمس البشرية من المسلمين الذين لا يستطيعون أن يكونوا اكثر منهم عروبة وإسلاما ليدافعوا على فلسطين قد أفهمها.
أما أن يصبحوا احرص الناس على إفشال أي مقاومة تصدر عن شعوبهم فيصبحوا حلفاء كل من يمكنهم من رقابهم فيكونوا عونا للغزاة مقابل كريسي في المحميات عديمة السيادة فذلك امر محير.
فهم لم يكفهم الفساد والاستبداد ومنع شروط الحرية والكرامة على العباد إلى حد فرض تصورات الحلول والكلام باسم فلسطين التي باعوها منذ أن ساعدوا أصحاب سايكس بيكو ووعد بلفور ليكونوا غوافير في المحميات فذلك هو المحير لأنهم يسدون كل الآفاق حتى في الاستراتيجيات السياسية في أدنى مستوياتها أعني في الخطط الدبلوماسية المؤثرة.
كلنا يعلم أن الشرعية التي تستمدها إسرائيل -رغم ظلمها- هي التي تؤسس في نفس الوقت دولتين: إسرائيل وفلسطين. لكن العرب لفرط ذكائهم فضلوا أن يضفوا على ما احتلته إسرائيل في تأسيس دولتها كان على حساب دولة فلسطين.
لكنهم يجعلون شرط دولة فلسطين مقابل الاعتراف بإسرائيل هو الضفة وغزة أي ما احتلته في حرب 67 والتنازل على ما احتلته قبل ذلك بعد هزيمة 48. ولست ادري بأي منطق يعتبر ما احتل في 67 أولى بالتحرير مما احتل في 48؟
ثم ها هم يخدعون الفلسطينيين ويريدون منهم ليس التنازل على ما أضفت عليه الامم المتحدة شرعية الإرادة الدولية ممثلة بأصحاب القرار فيها التي قررت التقسيم وفيه نفس الشرعية للدولتين وشرعية عودة المهجرين وتدويل القدس وما حولها فلا تكون تابعة لإسرائيل.
لكن حكام العرب قرروا بخرافة السلم مقابل الأرض كانهم كانوا في حرب مع اسرائيل في حين أنهم كانون في استسلام مهين يتنازلون على ما لا سلطان عليه بزعم عرض السلم من المستسلم ويحكم بوصاية من العدو.
رأيي أن يمسك الفلسطينيون بمصيرهم في الدبلوماسية إمساكهم به في الحرب: ينبغي أن يعلنوا أنهم لن يعترفوا بشرعية إسرائيل التي أعطتها إياها الأمم المتحدة ظلما إلا إذا اعترفت بهم إسرائيل والأمم المتحدة على أساس تقسم 47.
واكثر من ذلك أن يطالبوا بالتعويض عن الـ75 سنة من الاحتلال لما يتجاوز ما أعطته الأمم المتحدة لإسرائيل وليس لما أخذوه بعد 67 ولا خاصة لما هدموه منذئذ وخاصة بعد 7 أكتوبر.
ذلك أن الوضعية العسكرية والخلقية لإسرائيل لم تعد تسمح لها بمواصلة سلوك الابن المدلل للغرب لعلتين:
الأولى أن الغرب لم يعد قادرا على حمايتها إذا هي واصلت عناد الصبيان لأن الطوفان بين هشاشتها العسكرية ما أحوجها من اليوم الأول إلى السند الغربي والتدخل المباشر واسقط كل سردياتها فصارت عارية من كل الأكاذيب التي كانت تبتز بها الشعوب الغربية.
الثانية بقي لها ما تبتز بيه حكام الغرب. لكن ذلك لن يدوم: ففي بلاد الغرب تغير الرأي العام الشعبي ينتهي في الأخير إلى تغيير مواقف الحكام. وتغيير موقف حكام الغرب يحيي خوف حكام العرب من شعوبها فتتغير حتما.
لذلك فالإقليم مقدم على التحرر من أغبياء الحكام ومن لعبة التخويف بإسرائيل لبعضهم والتخويف بإيران للبعض الآخر ويصبح المخيف الوحيد للحكام هو ثورة الشعوب: وحينها لن يبقى ليهود إسرائيل إلا الهجرة العكسية الطوعية ليعودوا من حيث جاءوا:
فتنتهي لغة التخويفين لأن إيران المتحالفة مع كل أعداء الإقليم منذ الحروب الصليبية لم تعد قادرة على عمل شيء لأن الغرب نفسه لم يعد قادرا على عمل شيء لحماية إسرائيل.
والغرب مضطر بصورة لا ريب فيها للقبول بما ستفرضه شعوب الإقليم من استرجاع حرية الإرادة ورجاحة الحكمة لحكم أنفسهم بأنفسهم وفرض رعاية مصالحهما وحماية أوطانهم.
فلا أوروبا ولا أمريكا يمكنهما فعل شيء لأنهم فقدوا السيطرة على العالم ولأن المسلمين حينها سيكونون القطب الأكبر في العالم ولا يناظرهم إلا الشرق الأقصى عندما تتصالح الصين واليابان وكوريا بعد اتحادها.
لا اعتقد أن البريكس يمكن أن يحقق المنتظر منه لأن الهند لها نفس الطموح ولن تقبل مثل هذا الصلح فلا يبقى لها إلا الحلف مع الغرب ضد الشرق الأقصى أو التحالف مع المسلمين لأن نصفها منهم إذا حسبنا من فيها ومن في باكستان ومن في البنغال.
وتبقى أمريكا اللاتينية وأوروبا: فأما الأولى فهي تشاركنا في الكثير من المعاني الحضارية حتى وإن كانت مسيحية وأما الثانية فهي في النهاية بعد أن صارت عاجزة عن خوض حروب صليبية أو إستردادية ستضطر للمصالحة والمسالمة حتى تستطيع البقاء لأن كل إفريقيا وكل آسيا ستصبح خارج سلطانها وهي من دونهما ومن دون روسيا لا حول لها ولا قوة.
ذلك هو حكم التاريخ المديد الذي صارت ثمرته قريبة.