عرب الهوان..
محمد ضيف الله
الصمت العربي إزاء الجريمة التي تحدُث وتبثّ على المباشر في غزة، هو في حد ذاته جريمة ضد الذات، ليست الذات العربية فقط، وإنما الذات الإنسانية، جريمة ضد الحكام أنفسهم.
نعم صمت الحكّام جاء خضوعا لأعرافهم في الغرب أو خوفا من النتائج التي يتوهّمون أنها تترتب عن كسرهم للحصار على غزة. وبالتالي فإن صمتهم رسالة إلى أنهم يفضّلون الكراسي على ما سواها، وهم بذلك في الحقيقة يُحِلّون لمشغّليهم أن يعزلوهم، ففي المفاصل الكبرى لا يتورع المشغلون عن تعويض عملاء بآخرين يُعدّونهم لمراحل قادمة. والعملاء هم آخر من يستحقون الاحترام عند مشغّليهم، نعم بل هم الأجدر عندهم بالاحتقار.
صمت العرب سيؤدي حتما إلى مزيد من الاحتقار للعرب، حكاما ومحكومين، في بلادهم وفي العالم، إذ قد اختاروا الهوان لأنفسهم، ولن ينزعه عنهم نهاية العدوان على غزة، بل ستحتقرهم الأمم والشعوب التي لو كانت مجاورة لغزة لما تورعت عن التدخل، إن لم يكن عسكريا، فإنسانيا. عرب الهوان.
الصمت العربي..
رأيتم كيف أن جنوب إفريقيا أصبحت رمزا بقدر ما غدت ضميرا للعالم، وذكّرت بتاريخها ضد نظام الميز العنصري، وبالإرث العظيم الذي تركه نلسون مانديلا، بقدر الدفاع عن الحق الإنساني وعن الحرية.
خلاف ذلك الصمت العربي جعل العرب، وليس الحكام فقط، نموذجا ورمزا للتخاذل، وبين أنه لا صلة لهم بما كانوا يتكلمون عنه من أمجاد وبطولات غدت أطلالا، حتى أنه سيمر وقت طويل للنسيان، قبل أن يعود حديثهم عن بطولات خالد بن الوليد أو المعتصم أو صلاح الدين أو الخطابي أو عمر المختار. نعم صورة العرب تغيرت في العالم، بلا حياة ولا حياء، أطلال أمة.