مفهوم الشر السائل ؟
كريم جدي
ملخص كتاب : الشر السائل
المؤلف: زيجمونت باومان و ليونيداس دونسكيس
• ماذا يعني مفهوم الشر السائل؟ كيف يمكن فهمه على أحسن وجه اليوم، عندما تتألف ظواهر كثيرة من سمات وخصائص متعارضة؟ فالشر السائل يرتدي ثوب الخير والحب، على العكس مما يمكن أن نسمّيه الشر الصلب القائم على رؤية اجتماعية ترى الأمور من خلال لونين الأبيض والأسود، حيث يمكننا بسهولة تحديد ماهية الشر في واقعنا الاجتماعي والسياسي. بل إن الشر السائل يستعرض نفسه كأنه تقدم الحياة المحايد والمتجرد من الأهواء، وكأنه السرعة غير المسبوقة للحياة والتغير الاجتماعي بما ينطوي عليه من نسيان وفقدان للذاكرة الأخلاقية. كما أن الشر السائل يرتدي عباءة غياب البدائل وامتناعها، ويصبح المواطن مستهلكاً، ويخفي الحياد القيمي حقيقة الانسحاب.
• الشر لا يمكن تخيله في ثنائيات صلبة متعارضة مثل النور والظلام ، أو الجمال والقبح بل تحول الشر الحالي إلى شر سيّال لا تدركه الأبصار ، بل ويتوارى عن الأنظار وله قدرة رهيبة على ارتداء أقنعة فعالة وعلى حشد الهواجس والرغبات الإنسانية في خدمته تحت دعاوي زائفة ولكنها دعاوي يصعب للغاية إثبات زيفها ، وما أكثر المتطوعين لخدمته !
• من الأعراض المرتبطة بالشّر السائل، التخلي عن الحس الأخلاقي، أي فقدان الإحساس بالنّاس، وعدم التعاطف مع معاناتهم، واللامبالاة بآلامهم وأتراحهم، بالتالي، ما يحكم العلاقات بين النّاس اليوم، في واقع الأمر، هو الانفصال لا الترابط، القسوة لا العطف، واللامبالاة لا الاهتمام، هذا ما يسمى «العمى الأخلاقي»، بمعنى فقدان الإحساس، وتبلد المشاعر الإنسانية في الأزمنة المعاصرة، فقد أصبحت «حياة الإنسان عديمة القيمة»، وغدت حيواته مهدرة، لمّا اُختزل إلى مجرد شيء من الأشياء، بلا أبعاد روحــية أو إنســانية، من ثمّ، تجد النّاس غــــير مبالين بما يحدث للآخرين، كأنهم كائنات غير بشرية، لا تستحق الرحمة والمواســاة، يتجـــلى ذلك، بصورة أوضح، في أخبار ضحايا الحــروب والكــوارث، التي صارت لا تثير أحـداً، بل وصل الأمر إلى حدِّ اعتبار الضحايا مجرد رقم إحصائي، لا أكثر ولا أقل، بالتالي، غدت تلك القاعدة التي تقول: «إن موت شخص واحد إنما هو مأساة، وأمّا موت ملايين النّاس فهــو عملـــية إحصائــية» حقيقة ملموسة.