تدوينات تونسية

اتحاد الشغل وإلغاء التفرغ النقابي…

عبد الرزاق الحاج مسعود

في سلوك يشبه سلوك السارق الجبان، في صمت وسرّية، قامت السلطة برفض مطالب التفرغ النقابي التي تقدم بها أعضاء جامعة التعليم الثانوي الجدد، واستدعت أعضاء متفرغين من جامعتي الأساسي والفلاحة للإلتحاق بمراكز عملهم.

اتحاد الشغل
اتحاد الشغل

هذا الإجراء يعني إنهاءً فعليا للعمل النقابي. وهو إجراء لم تقدم عليه أية حكومة تونسية سابقة لا في زمن بورقيبة ولا بن علي ولا حكومات ما بعد الثورة.

يهمني في هذا الإجراء خلفية السلطة وردود الأفعال الشامتة.

قبل هذا الإجراء، ومنذ الانقلاب، ورغم المساندة الغبية من طرف المركزية النقابية للانقلاب بل والمساهمة الفعالة في التمهيد له، قام الانقلاب بإصدار المنشور 21 الذي جمّد فعليا النقابات الأساسية بأن جرّدها من صلاحية التفاوض المباشر مع الإدارة وقصر حق التفاوض بين الوزارات والمركزية.

كانت تلك خطوة ضمن خطة تجريد الاتحاد من منابع قوته تمهيدا لإخراجه كليا من المشهد السياسي، وهو ما نجح فيه الانقلاب نجاحا كاملا.

لماذا يفعل النظام الحالي هذا مع الاتحاد والبعض يراه شريكا كاملا في الانقلاب؟

ببساطة لأنه لا يمكن لأي نظام انقلابي ألغى دستورا ديمقراطيا وفرض آخر فرديا تسلطيا وألغى أدوار كل الانتظامات الحزبية والاجتماعية حتى وإن لم يلغها قانونيا أن يقبل بوجود منظمة نقابية مهيكلة في حجم وتاريخ اتحاد الشغل.

طبعا من العبث التذكير بغباء القيادة النقابية التي انخرطت في المسار الانقلابي وأجرمت في حق الاتحاد وفي حق المجتمع التونسي الذي شكل الاتحاد شبكة الدفاع الأولى والأخيرة عن مصالحه عبر تاريخ تونس المعاصر.

ولو لم يكن الاتحاد رصيدا استراتيجيا للمجتمع لما التفت إليه الانقلاب ولشرّكه في الحكم الآن طوعا أو إكراها.

لذلك أعتبر الشماتة في الاتحاد المستهدف الآن مجرد رد فعل عاطفي لا يرتقي إلى فكرة السياسة.

بقيت ملاحظة هامشية..

ليس اعتباطا أن يبادر وزير التربية بالذات بهذه الخطوة المنعرج في حق الاتحاد.. وهو القيادي النقابي السابق، وصديق رموز جامعة الثانوي الذين انهزموا في الانتخابات الأخيرة.

التاريخ ليس محكوما دائما بقوانين موضوعية تتجاوز الأفراد. فالنزعات المرَضية الانحرافية الثأرية قد تحفّز قوانين التاريخ وتساعدها.

وحين يلتقي انقلاب تصفوي لا يقبل شركاء حكم ونقابيون مهزومون ووزير صاحب ثأر شخصي، يستطيعون ضرب أي منظمة.. ولو كانت اتحاد الشغل.
تبا.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock