تدوينات تونسية

غزّة وما بعدها

أحمد الغيلوفي

اعرف أن الوقت ليس مناسبا للتحليل والتفكير، هو وقت فعل لمن استطاع إليه سبيلا: وقت قتال في احد الجبهات المفتوحة، أو وقت تظاهر في الشوارع. هذان الطريقان مسدودان من الأنظمة العربية.

ومع ذلك، كلما شاهدت هذه الأحداث الكاشفة الفاضحة إلا وتذكرت بألم كبير وحزن أكبر شخصيتين عربيتين: فاطمة المرنيسي وعصمت سيف الدولة.

عصمت سيف الدولة
عصمت سيف الدولة

الأولى: قالت في “الخوف من الحداثة”، وقبل الثورات العربية بخمسة عشرة سنة، ستحدث ثورات عارمة في المنطقة العربية لهذه الأسباب:

  • ابتلاع فلسطين من طرف عصابات انتصرت على كل جيوش العرب.
  • سقوط بغداد.

تضيف المرنيسي: هذه الثورات سيتم إفشالها من طرف دول النفط والدول الغربية لأنها لو نجحت ستكون كارثة على هذه الأنظمة وعلى “إسرائيل”.

وبالفعل وقع تخريبها بالإعلام والمال وفتاوي شيوخ الاستخبارات وخلق منظمات استخباراتية مارست القتل المأجور..

لماذا أتذكر هذا الآن؟ لأنه ليوم كهذا، لحدث كطوفان الأقصى، وقع إفشال الثورات: حتى يقع سجن الشعب العربي في أقفاص يحرسها العسكر فلا تشارك في المعركة.

عصمت سيف الدولة، رحمك الله: شرّدتك كل الأنظمة العربية

عاصر الرجل نكبة 48 وعدوان 56 وهزيمة 67 وحرب 73.. وخرج لنا بخلاصة كان يكتبها بدمه ودموعه “الحرية أولا وأخيرا”..

أي: تحرر العربي من الأنظمة حتى يُحرر الأرض ويتحرر من مشاكل الاستعمار فيتحرر من حاجاته بحل مشاكل التخلف.

قال: إياكم أن تصدقوا أي نظام مهما ادعى من تقدمية وقومية لأنه بحكم انه نظام لا يستطيع إلا أن يكون إقليميا.

وقال: هذه الأنظمة تستمد وجودها من الكيان الصهيوني: لو انهار هو تنهار هي، ويستمد وجوده من وجودها: لو انهارت هي ينهار هو.

..بعد عقود سوف يأتي “هِمّال” ينتحلون القومية فيدافعون عن الانقلابات وعلى الأنظمة ضد الثورات لانهم لم يقوموا بها ولم يقودوها ولم يربحوا من الانتخابات.. ثم يذرفون الدموع على غزة التي يذبحها الانقلاب المصري الذي رقصوا له كالقردة، ويذبحها النظام الأردني والسعودي والإماراتي..

بعضهم يقول “قمنا بمراجعات وعلينا المحافظة على الدول العربية” لاي هدف؟ لتحرس “إسرائيل” وتذبح الشعب العربي. والثورة؟ اصبح إصلاحيا لأنه عرف حجمه خلال الثورات وخلال الانتخابات.

نعود لباراديغم فاطمة المرنيسي رحمها الله:
ما يحدث في غزة سيؤدي الي ثورة يوما ما: الحقد على الأنظمة اصبح اكبر من الحقد على “إسرائيل”.. قد يطول الأمر وقد يقصر، ولكن ما في الصدور لابد أن ينفجر.

اترك رد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock