تدوينات تونسية

في تلازم التحرّر والتّحرير

سامي براهم 

التحرّر من الاستبداد وإرساء دولة الحريّة والعدالة والكرامة شرط لتحرير الأرض من بقايا الاستعمار ومن الاستعمار المباشر…
معادلة تقوم على علاقة تلازم إذا سقط أحد طرفي المعادلة سقط الآخر…

كان جمال عبد النّاصر رحمه الله زعيم معركة التّحرير داخل مصر وواجه بقايا الملكية والعدوان الثلاثي… وحمل همّ القضيّة الفلسطينيّة وخاض معاركها في نفس الوقت الذي كان يخرّب فيه جبهته الدّاخليّة وينكّل بمخالفيه من الإخوان والشّيوعيين “حتّى بتوع الأوتوبيس” في السّجون والمعتقلات… فكانت هزيمة 67 التي يسمّونها نكسة من باب التّلطيف نتيجة طبيعيّة للفصل بين معركة التحرّر والتّحرير.

وعلى نهجه سار صدّام حسين وحافظ الأسد ومعمّر القذّافي…

وفي الطّرف المقابل كانت نضالات الليبرالية العربية ترفع شعار الحريّات الفردية وحرية التنظم غير عابئة بقضايا الأمّة: السّيادة والتّحرير… حتّى انتهى الأمر ببعضهم إلى خدمة أجندات خارجيّة وركوب قطار التّطبيع…

لقد كان جدل الوحدة والدّيمقراطيّة، والحريّة والتّحرير مبعثا لتخريب كلّ نضالات الأمّة وتدمير قواها وطاقتها على الصّمود وبناء نموذج للدّيمقراطيّة والتنمية غير مرتهن أو أقلّ ارتهانا لمصالح الغرب الاستعماري…

لم تسر المقاومة الإسلامية في فلسطين على هذا النّهج ولم تفرض وجودها على المشهد الفلسطيني بشرعيّة المقاومة والتّحرير بل كان مدخلها لتصدّر المشهد عن طريق انتخابات ديمقراطية نزيهة لم تتخلّف عنها في كلّ مستوياتها ومحطّاتها ولم تشغلها عنها المقاومة…

كلّ خطاب السيادة والتّحرير الإنشائي لا معنى له إذا ما فصل عن معركة الحريّة وتحرّر الإنسان من ربقة الاستبداد.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock