تدوينات تونسية

لو يخيرونهم لاختاروا الانقلاب

عبد الرزاق الحاج مسعود

حالة رسام الكاريكاتير اليساري الذي تم إيقافه بسبب رسوم سياسية سخر فيها من كفاءة رئيس الحكومة تمثل فعلا “نموذجا نظريا مدرسيا” لفهم “العجز البنيوي التكويني عن التفكير السياسي السليم”.

رسام الكاريكاتور توفيق عمران
رسام الكاريكاتور توفيق عمران

السيد كهل (ليس شابا في طور اكتشاف السياسة)، مسيّس (صاحب رأي)، يساري (يستند إلى منهج في فهم قضايا الواقع)، وفنان أيضا (رسّام يشتغل بملكة الرمز والإيحاء).. ومع ذلك ساند انقلابا غامضا صادر الحريات السياسية وأسند كل السلطات لشخص واحد (كل الحيثيات الحافة بالحدث ثانوية جدا بالنسبة إلى المبدأ). التحمس الأعمى للانقلاب هو تجرد كامل من العقل ومن الإنسانية أيضا. العقل يقتضي بعض الحذر في مساندة البدائل الغامضة، والإنسانية تقتضي الانحياز إلى الحرية والحقوق الإنسانية المجردة.

لكن السيد “المراهق سياسيا والمتعصب أيديولوجيا والقاصر عقلانيا” انحاز إلى الانقلاب… قبل أن يكتشف بعد سنتين أنه ساند “شعبوية فاشية” (التوصيف ورد في صفحته)، وأن كل “وعود” الانقلاب زائفة ما عدا وعد إلغاء الحريات.

الأدهى، وما أنا متأكد منه، أن السيد الرسام وكل شركائه في المرجعية الأيديولوجية، لو يخيرونهم بين استمرار إلغاء الحريات والديمقراطية والسياسة مع بعض الأضرار الجانبية التي قد تصيبهم هم مساندي الانقلاب، وبين عودة الديمقراطية التي تضمن الحقوق الأساسية لخصومهم السياسيين، لاختاروا الخيار الأول.

معناها.. تبا.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock