تدوينات تونسية

الغيبة الكبرى …

سامي براهم 

لا نقصد غيبة المهدي في سردابه حتّى يأذن الله بفرجه… بل غيبة أخرى يبدو لا فرج لها في الوقت المنظور…

خرج أهل الحقوق والقانون عن بكرة أبيهم فرادى وجماعات ومؤسّسات يعبّرون عن موقفهم ممّا يحدث من انحرافات خطيرة على مستوى الحريات العامة وحقوق الإنسان وانتهاك الدّستور والقوانين وآخرها عريضتهم الصّارخة تنديدا بالاعتقالات السياسيّة…

فأين أهل الفلسفة والتّاريخ والحضارة والاجتماع والأصول من كلّ ما يحدث من انتهاك لكلّ القيم والمبادئ التي قضوا أعمارهم يدرّسونها ويدبّجون أبحاثهم في تحليل مضامينها ويحثّون طلبتهم على الاشتغال عليها؟

لماذا هم غائبون عن إبداء الرّأي في ما يحدث بإستثناء قلّة من الشّرفاء المنسجمين مع مبادئهم وقلّة أخرى من الموالين والمصطفّين لهذه الجهة أو تلك يمارسون وظيفة كائنات بول نيزان بشكل فجّ مخجل !!!

كلّ دراسات علم الانتقال الديمقراطي تحمّل النخبة مسؤوليّة نجاح الانتقالات الديمقراطيّة أو فشلها لما للنخب المنسجمة مع قيم العقل من دور تنويريّ وتحكيمي في الأزمات مؤثّر سواء في حالة الحضور أو الغياب…

كانت الثورة التي حرّرت النخب يتيمة من صنّاع الرمز ومنتجي المعنى وكان الانتقال الديمقراطي هشّا لغياب هؤلاء وارتهانهم للاستقالة من وجع الرّأس أو تجييرهم لخدمة هذه الأجندة أو تلك…

اليوم يمرّ البلد بأخطر منعرج في تاريخه فأين هم ؟ ماذا يفعلون ؟ هل يتفرّغون لكتابة النظريّات؟ أو ينتظرون حتّى يستقرّ الوضع في أحد الاتجاهات ليشبعونا بالتّحاليل البعديّة ؟

طالت غيبتهم فمتى يعجّل الله فرجهم ؟؟؟

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock