متاهة “الجنرال”
صالح التيزاوي
بعد مرحلة “العبور الآمن” و”القيصريّة” غير الآمنة، نشر “الجنرال” تدوينة، عبّر فيها عن استيائه من “كمّ الشّتائم” التي طالت شخصه وعائلته. مبدئيا فإنّ الشّتم مرفوض، ولا علاقة له بالنّقد. ولكن من غير المقبول حرف الأنظار عن جوهر القضيّة (خذلان المربّين) باتّفاقيّة أقلّ ما يقال فيها أنّها لا تستجيب للحدّ الأدنى لانتظاراتهم، ليصبح الحديث عمّا لحق به من أذى!! والحقيقة أنّ الأذى الذي لحق الأساتذة من هذه الإتّفاقيّة، هو أضعاف أضعاف ما أصابه. وهذا لا يبرّر بأيّ حال من الأحوال السّبّ والشّتم.
ليس من المعقول أن يتّخذ القطاع رهينة لتحقيق مآرب سياسيّة، ومن له شهوة “يديرها في عشاه”.. وهذا كلامه.
وبنفس هذا المنطق :ليس من حقّه “باش يدير شهوتو في عشاء المربّين”، لإنّ هذا أيضا من “السّقوط الأخلاقي”.
وليس من حقّك أن توقّع اتّفاقيّة، تعرف مسبقا رفضها من القطاع (قواعد وبعض ممثّلي الجهات) بنفس الحدّة التي رفضوا بها فكرة “الصّندوق” من قبل. أمّا وقد فعلت ودست على إرادتهم، فهذا أيضا من “السّقوط”. فأين ذهب ذلك الشّعار الجميل “تعليم ديمقراطي.. مدرسة شعبيّة”؟
كما أنّ تبرير القبول بهكذا اتّفاقيّة هزيلة بالسّياسي والحزبي والايديولوجي وحكايات من نسج الخيال “الدّولة العميقة والإخوان والحرب العالميّة”، كما جاء على لسان قرينك، فهذا أيضا انحدار سحيق في “السّقوط الأخلاقي”.
وليس بعيدا عن هذا السّقوط، محاولة حرف النّقاش عن جوهر القضية (اتّفاق هزيل مع سلطة الإشراف) ليصبح الحديث عن شخصك وكم الإهانات والتّدخّل في حرّيّتك الشّخصيّة. كلّ ما تفعله في حياتك الشّخصيّة طيلة “ثمنية وعشرين عام أو أكثر إو أقلّ” وخبرتك في دعم الإقتصاد الوطني.. لا يعني المربّين الذين فاوضت ثمّ وقّعت باسمهم (وهم رافضون) في شيء. فلا للتّذاكي وحرف الأنظار عن جوهر النّقاش.
مسألة أخيرة، المرور بالقوّة لإمضاء الإتّفاقيّة المخيّبة للآمال وأنت على وشك الرّحيل وقبل أيّام معدودات من الإمتحانات، الوطنيّة والعاديّة، لمصلحة من، إذا كان المربّون أصلا رافضين؟ ألم يكن من الأجدى ترحيل المطالب في مثل هذه الحالة للمكتب القادم؟ عندما يصبح ما هو أقلّ من الحدّ الأدنى “عبورا” فذاك هو السقوط الحقيقي، وعندما يضحّي الطّبيب بالأمّ والطّفل معا فهو طبيب فاشل.