لست وطنيا.. مثلكم
الخال عمار جماعي
لست حزينا بما يكفي ولا سعيدا بما يسمح لأكتب عن بلدي.. فهو الآن عندي مجرّد طاولة مربّعة أو منفضة سجائر أو حجر بلا وجه أو قارورة غاز فارغة أو علبة كرتون أو مسمار معوجّ أو ماكينة معطّبة أو قطّ متروك أو حذاء قديم أو قصيدة مختلّة الوزن أو باب مخلّع أو برتقالة متعفّنة أو خطأ مطبعي أو شاعر لا يحسن الإلقاء أو بيان حزبي أو سيجارة دزيرية أو خمرة مغشوشة أو مومس بلا غنج أو لمبة مكسورة أو علبة ماء بلاستيكية أو أغنية داعرة أو هرطقة بلا أتباع أو حزب بلا مقرّ أو كيس من البطاطا أو شوالٍ من الفحم أو سمكة سردين..
لست حزينا ولا فرحا بما يكفي لأحدّثكم عن حقيقة علاقتي بهذا البلد الذي لا يعنيني، بلد فيه شمس ونخل وزيتون وواد دافق وشواطئ وجبال ورمل ناعم ولكنه بلا روح.. لو أصابته كوارث الدنيا ما تحرّك لي جفن ولو زحف عليه الماء لا اكترث ولو دكّته ريح صرصر والله لا آسف عليه.. فإذا حدث شيء من هذا أو كلّه فلا يدعُني أحدٌ في هذه الملمّات.. أنا غنيّ عنه فخذوه أو أتركوه.. أنا هنا مجرّد موظّف في ماكينة الدولة أقبض من أجل هذا مرتباً لأبقى على قيد الحياة ولا أزعج أحدًا !
لست والله حزينا ولا أجد في هذا بهجة لأكتب عن حبّ البلد والناس والطرقات والأشجار وسكة الحديد.. فهذا عندي من اللغو الذي ينفخ البطون!.. هذا البلد هو مجرّد أغنية صاخبة أو فقرة زائدة في موضوع إنشاء أو تفّاحة غير ناضجة أو كلمة فاحشة أو كاتب متطاوس أو ماء الحنفية أو “عبيد البريكي” أو نادل سخيف أو خشخشة بوق أو أيّ شيء.. أمرّ به ولا يعنيني..
- أنت لست وطنيا يا “خال”.. والله لست وطنيا
- مانيش وطني ….. فيه 😜😜
“الخال”