تدوينات تونسية

موقف اليسار من شعوبهم

عمار غيلوفي

• يعود هذا الموقف إلى المؤسس التاريخي للماركسية وهو كارل ماركس، فقد ذكرت الكاتبة الألمانية مارلين فيسبر في كتابها: (ماركس في الجزائر) ترجمه الكاتب العراقي المقيم في المانيا حسين الموزاني، أن كارل ماركس زار الجزائر في 20 فيفري 1882 للتداوي، وكتب إلى صديقه فريديريك انجلز في 18 أفريل من نفس السنة يصف الشيخ بوعمامة الثائر الجزائري الذي أسر من الفرنسيين في عملية واحدة 300 محارب، أنه “لص مسكين وقاتل محترف من العرب”، ولما قبض الفرنسيون على الشيخ بوعمامة، اعدموه وقطعوا رأسه ولم يسلموا الرأس إلى أهله لدفنه، علق كارل ماركس في نفس الرسالة مستهزئا: “عندما يذهب الجذع دون الرأس يسأله محمد: أين رأسك؟ أنت لست أهلا لدخول الجنة دون الرأس…”.. وتعلق الكاتبة الألمانية أن ماركس كان محكوما بالنظرة الثقافية الأوروبية المستعلية على الآخر، فوصف الدين الإسلامي بأنه “دين صحراوي يتنافى مع القيم والمعرفة الأوروبية…”.

كارل ماركسكارل ماركس

• ويعرف أن ماركس شجع الاستعمار الفرنسي للجزائر لينتقل المجتمع الجزائري من الطور البدوي والإقطاعي إلى الطور الرأسمالي بحسب المادية التاريخية عند ماركس تمهيدا للمرحلة الاشتراكية الانتقالية إلى الطور الشيوعي…

• اليسار العربي، والتونسي خصوصا بقي حبيس المقولات والفهم الماركسي لمجتمعهم، وورثوا الاستعلاء الثقافي على بني جلدتهم ممن يتكلمون اللغة العربية ودرسوا في الكتاب وحفظوا القرآن وتمسكوا بهويتهم العربية الإسلامية.

• حاول اليسار جاهدا ولا يزال إحلال التغريب محل التعريب، وإقناع الوعي الاجتماعي المتجذر في تربته، بأن يستعيض عن قيمه (الرجعية) بقيم الأممية الكونية التي تلتقي فيها الإنسانية عامة بشكل متجانس، نحو ثقافة الكوني الإنساني الذي لا لون له، ولا انتماء ولا أصول ولا دين… ويمقتون التاريخ والحضارة والرموز التاريخية للحضارة، ويتعلقون بمستقبل مثالي فكري تغيب فيه ملامح الشخصية الوطنية التاريخية المتفردة…. ومن ثم فهم يناصبون العداء والكراهية لكل من يشدهم رجعيا إلى الطور البدوي أو القومي خصوصا اذا كان متشربا بالعامل الديني…

• اليسار التونسي، يتسلح بألفاظ لا بمضامين، (الظلامية – الرجعية – التطرف – الإرهاب – التشدد – الأصولية – التخلف – الدواعش…) ليسم بها خصومه الإيديولوجيين، ويسم نفسه بألفاظ (التقدمية – الحداثة – التنوير – العقلانية – الإنسانية – الكونية – العائلة الديمقراطية – الحرية – التسامح…) ليبتاع بها تعاطفا داخليا وخارجيا، في غياب بدائل جدية ومفصلية للتخلف والبطالة…

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock