التوافق على قواعد جديدة للعبة السياسية
شاكر الحوكي
منذ أيام قال الشيخ راشد الغنوشي بعظمة لسانه انه مستعد أن يستقيل من حركة النهضة وقبلها بأيام طرح كذلك استقالته من مجلس نواب الشعب الذي مازال يعد في تقديري المجلس الشرعي والوحيد على الرغم من دجل القيصرود وخزعبلاته.
كما أصدرت جبهة الخلاص الوطني بيانها التاريخي المتمسك بدستور 2014 وعدم الاعتراف باي مرجعية دستورية أخرى زائفة ومزورة.
في المقابل وبالتزامن مع هذه التصريحات صدر تصريح خطير من وزير الدفاع الأمريكي يعبر فيه عن امتعاضه الشديد لما آلت إليه الأمور في تونس محذرا من مغبة استمرار سلطات الانقلاب في تعنتها… هذا دون الإشارة إلى موقف السفير الأمريكي المرتقب أمام الكونغرس الذي عبر فيه عن تمسكه بالمسار الديمقراطي في تونس وانه لن يدخر جهدا للحث على استئنافه.
وفي ضوء هذه التطورات المستجدة، اعتقد انه الأولى في تقديري الآن أن نفكر جميعا في الطريقة المثلى للاستفادة من هذه المعطيات والتشبيك بين مختلف عناصرها بما من شأنه أن يقودنا إلى وضع خطة محكمة قابلة للتطبيق.
فالشيخ راشد الغنوشي لئن طرح استقالته، فإنه يطرحها في مقابل الاتفاق على مبادرة وطنية شاملة.
ووزير الدفاع الأمريكي إذ يطلب العودة إلى الشرعية الدستورية فان أمريكا دون موقف وطني موحد وقوي لن تستطيع أن تفعل أي شيء.
وجبهة الخلاص الوطني إن كان لها دور هام في رفض “دستور الحرام”، فالأهم أن تتلقف مختلف هذه المعطيات المتناثرة وتضعها ضمن مسار عقلاني ومرتب حتى تخرج بلادنا من قبضة الجنون والاعتباط والاستبداد..
ومن ثم فرض واقع جديد يمهد إلى العودة إلى الشرعية من خلال إجراء انتخابات سابقة لأوانها تعيد الكلمة للشعب.
على انه لا بد من الأخذ بعين الاعتبار ثلاث أمور أساسية:
أولا، أننا في منعطف تاريخي مصيري وحاسم وان مرور الوقت لا يخدم قوى المعارضة بقدر ما يخدم سلطة الانقلاب.
ثانيا، أن قيس سعيد مازال في جرابه ما يبقيه في السلطة لمدة أطول مما نتصور.
أن إسقاط الانقلاب لن يكون إلا بتوحيد كل تيارات المعارضة أو جلها… وبالاتفاق على قواعد اللعبة السياسية القادمة…
أن استئناف المسار الانتقالي لن يتم إلا بتضحيات كبيرة والتوافق على قواعد جديدة للعبة السياسية والديمقراطية بحيث لا تعيدنا إلى نفس المشهد السياسي القديم.