القاضي أحمد الرحموني
الغريب أن في كل يوم يمر عليه وعلينا، نلاحظ أن قيس سعيد يزداد انكفاء على ذاته، فلا يظهر احتراما لخصومه بل يعاديهم ويتهجم عليهم ويبرز في كل مناسبة ازدراءه لأشخاصهم ومواقفهم، وهو فضلا عن ذلك لا يطرح المسائل من وجهات نظر متعددة، ولا يبدي انفتاحا باي شكل لأفكار الطرف الآخر بل يجعل منها في بعض الأحيان مادة للتندر والسخرية. وحتى عند استقباله لمنظوريه أو مناصريه أو زائريه من التونسيين والأجانب يحرص على إبرازهم كمتلقين لنصائحه أو تعليماته أو حتى دروسه وذلك في صمت كامل عن الجواب أو التعقيب.
وفي مقابل ذلك يكاد يضفي على نفسه وأفكاره وتحركاته وإنجازاته صفات التمام والكمال دون أي استعداد للاعتراف بالخطأ أو التراجع عنه.!
ولا يتوقع كثير من الملاحظين أن يكون الحوار الذي أشار إليه أخيرا إلا في حدود تعامله المعتاد وطبق شروطه التي يمليها، وكذلك الأمر مع تصوره للحكومة التي يعينها لتنفيذ سياسته واختياراته.!
وعلى نفس المنوال يتضح من الخطابات الأخيرة لقيس سعيد، نزوعه إلى جر البلاد إلى حالة من الانكفاء في علاقاتها مع عدد من الدول (الصديقة، الصناعية السبع) والمؤسسات المالية الدولية (صندوق النقد الدولي، وكالات التصنيف الدولية) في مواجهة مظاهر “الوصاية” و”التدخل في شؤون دولة ذات سيادة”.!
فهل يمكن أن يستمر هذا الانكفاء الذاتي (داخليا وخارجيا) دون أن يؤدي بنا (في غياب بدائل ناجعة) إلى ارتهان حريتنا وتدمير مكاسبنا وتعريض بلادنا للخطر؟!
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.