تدوينات تونسية

الاتحاد واللاعودة!

القاضي أحمد الرحموني

بإجماع الملاحظين، يبدو أن الاتحاد العام التونسي للشغل قد ظهر في مواجهة “ضربة القوة” التي نفذها رئيس الجمهورية بواسطة القوات المسلحة على غير عادته في التعاطي مع “الأزمات” الوطنية، حتى أنه “فقد توازنه” وقدرته على المبادرة عندما تضيق السبل وتنتفي البدائل.

كما بدا واضحا أن الاتحاد -الذي لازم الصمت في معرض الحاجة إلى البيان- قد فتح الباب لتأويلات متعددة وأحيانا متعارضة حول حقيقة موقفه من الخروقات التي رافقت قرارات 25 جويلية وترتبت عنها.

وربما كانت الزيارة التي أداها إلى مقر الاتحاد وفد عن حزب الأمل (المتركب من سلوى اللومي واحمد نجيب الشابي ورضا بلحاج) بتاريخ 24 أوت الجاري من بين المبادرات الحزبية النادرة في سياق الجمود المخيم على الحياة السياسية. وقد عبر وفد حزب العمل عند لقائه للأمين العام للاتحاد نور الدين الطبوبي عن موقف الحزب مما تعيشه البلاد وجملة تخوفاته واحترازاته مما يجري وأهمها تلك النقاط الأربع التي ضمنها بلاغه الصادر في تاريخ الزيارة.

ولم يتبين المنشغلون بذلك اللقاء فحوى ما قاله الأمين العام، كما لم يشر الاتحاد باي وجه في مصادر أخباره الرسمية إلى ذلك الاجتماع.

وقد القى تدخل احمد نجيب الشابي في إذاعة “إكسبرس. اف. ام” يوم 25 أوت الجاري بعض الضوء حول أهداف الوفد من الزيارة وذلك بقوله “توجهنا للاتحاد العام التونسي للشغل لخلق قوة تقف أمام رئيس الجمهورية، لأن الرئيس خرج عن الشرعية”. وقد أضاف “أن ما قام به الرئيس هو انقلاب بأتم معنى الكلمة”، معتبرا “أن الفصل 80 من الدستور لا يعطي أي حق لرئيس الدولة في اتخاذ تلك القرارات”.

لكن يظهر أن الاتحاد لم ينتظر طويلا (خشية أن ينسب له قول)، فكان رد فعله على لسان احد أعضاء مكتبه التنفيذي وهو الأمين العام المساعد حفيظ حفيظ الذي دون في نفس اليوم بحسابه الخاص بالفيسبوك ردا شديدا وواضحا يقرب إلى الهجوم.

إذ أكد بصفة مباشرة قائلا “لا أحد يمكنه أن يورط الاتحاد في أجنداته.. لا نجيب الشابي لا غيره.. الإجراءات الاستثنائية التي خولها له (أي للرئيس) الدستور في الفصل 80.. إجراءات نابعة من إرادة الشعب.. لا عودة لما قبل 25 جويلية 2021”.

وفي تعليق مختصر على هذه التدوينة كتب احد الأمناء العامين المساعدين للاتحاد وهو سامي الطاهري: “لسنا في موقف دفاع ولا يعنينا نعيق البعض!”. وهو ما يؤكد الموقف المتضامن للمكتب التنفيذي للاتحاد وتصميمه على “نقطة اللاعودة” (التي تمثل شعار قيد سعيد) وثبات الاتحاد على نفس موقفه السابق رغم ما يتضح (بعد تمديد التدابير الاستثنائية إلى اجل غير مسمى) من غياب الرؤية ورفض الحوار.!

اترك رد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock