سفيان العلوي
ماالذي يجمع نخبا وفاعلين سياسيين متنافرين في الأصل ؟ واقع الممارسة يشير الى أن دواعي الالتقاء عديدة إن لم تكن في النظرية وتقارب أوجه النظر ففي الممارسة ونزعة الاشتباك التي لا تقوم إلا بوجود خصومة وساحة معارك فعلية أو رمزية ثابتة ومتحولة. ولذا يحتاج دائما الأضداد الى خصومة مفتوحة اكثر من الصداقات وتنشأ التحالفات لتغيير قواعد الاشتباك ومعها وبها التوازنات السياسية القائمة والمتخيلة.
ليس هناك حسم في السياسة وليس هناك اشتباك خال من المعنى والمعقولية. لكن ما يعمق دواعي الخلاف ويشحنه بنوازع حربية هو الانقسامات العمودية التي يتحول فيها الاختلاف الى وصم ونوازع إبادة سياسية وعقدة إنكار تقابلها عقدة اعتراف.
وفي معرض السجال والقصف المركز الموجه للنظام البرلماني وللمؤسسة برزت الى السطح من جديد دعوات الى الاستفتاء وإقرار بأزمة سياسية ظرفية يلح البعض على أنها هيكلية. لكن السجال يشي بتناقض كبير بين رفض التغول لاي طرف اغلبي وبين رغبة تركيز السلطة من جديد والعودة الى النظام الرئاسي. وبغض النظر عن الشخصنة العالية للصراع السياسي وشيطنة اطراف بعينها هناك اقتران يكاد يكون واضحا بين رفض النظام البرلماني ورفض الأحزاب رافعة أي نظام ديمقراطي وتعبيرته التمثيلية الواسعة خارج سلطان النخب وقوى الضغط. هذا الرفض للأحزاب له ما يفسره بين التجربة الماضية للحزب الواحد وللأحزاب الكرتونية قبل الثورة أو التذرية الحزبية والانهيار السريع للأحزاب التاريخية أو حديثة النشأة فضلا عن السياحة الحزبية والشعبوية المتنامية. وهذا ما يفقد الأحزاب مصداقيتها ويطبع الخطاب بتوتر عال ونزعة الى التخوين والاختراقات من كل وارد.
اغلب من يتصدر الدعوة الى تعديل الدستور لم ينجحوا في تكوين احزاب بهياكل ثابتة ولا في اقناع الناخبين بخياراتهم ليغيروا التوازنات من خلال الصندوق. وأغلبهم يرفض اقرار العتبة الانتخابية التي تمنع تذرية المشهد والسلطة. اما الرئيس فلم يات اصلا الى القصر بحزب والطيف الساند له هلامي واغلب من صوت له ينتمي اصلا الى احزاب ولا يتماهى تماما مع افكاره.
وتاتي دعوة امين عام الاتحاد الى اجراء استفتاء حول ما اسماه تقييم طبيعة النظام السياسي وهو ما يعني ضمنيا او صراحة تعديل الدستور بصفة مبكرة ولم يقع تفعيل جل بنوده بعد. لا يسعى الاتحاد الى مركزة السلطة التنفيذية في يد الرئيس وهو المستفيد الاول من واقع توزيع السلطات الثلاث وتوزيعها مع قوى الضغط وهو ابرز هذه القوى. لكن للاتحاد مشكل فعلي مع الاحزاب التي تنازعه صدارة المجال السياسي وتنكر عليه الخلط بين النقابي والسياسي او تسعى الى اختراقه بكل الاشكال ولمن استطاع الى ذلك سبيلا. ولا يخفى ان المشكل مع الاتحاد ليس تسييسه فذلك من تاريخه ومن خصوصيته ولكن المشكل الفعلي في تحزيبه في ظل نظام ديمقراطي مما يخلط قواعد اللعبة ويخلق حالة من المغالبة تعزز المغالبة على حساب المشاركة.
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.