كهنوت الدولة يتدخل في تفسير وتأويل النصوص الدينية..

نور الدين الختروشي

في سياق الجدل القانوني والسياسي حول مبادرة بلدية الكرم استحداث صندوق الزكاة بالاعتماد على قانون الهبة والتبرعات الساري المفعول كتب السيد لطفي زيتون تدوينة يقول فيها بالحرف “یتحدث الفصل 138 من مجلة الجماعات المحلية عن الهبات التي تتلقاها البلدية… الزكاة ليست هبة”.
نعم صدق السيد الوزير الزكاة في الإسلام ليست صدقة بل واجب ومن أركانه الخمسة وشعائره المجمع عليها هذه أبجديات يعلمها عامة المسلمين.

ومن البديهي المعلوم أيضا أن من يصلي أو يصوم أو يزكي يفعل ذلك عن عقيدة دينية وخوفا من ربه أو طمعا في رضاه فإنفاق المسلم في سبيل الله من حميميات الإيمان الخاص لا ينظر لها من خارج الدين أي من خارج الحيز الشخصي والخاص والحميمي.

طيب جدا نسأل ونتساءل هنا بعد اتفاقنا على السابق كيف ترفض الدولة تقنين جمع وتوزيع وصرف أموال الزكاة بدعوى الفصل بين مبدأ التطوع والإلزام من داخل المنظومة الدينية ذاتها؟!
الأمر هنا في منتهى الخطورة لأنه يمزق العقد المدني والدستوري للدولة.
باستدعاء معايير التشريع الديني ذاته وتأويلها من داخل نسقها الفلسفي والتشريعي والتي من المفترض أنها لا تعني سوى المؤمنين به.
ترتكب الدولة هنا حماقة نسف أساس الفصل بين الحيز الديني والمدني الذي كان قد كتب على قاعدته الدستور.
فآن ترفض الدولة هبات مَواطنيها باعتماد فهم وتأويل ديني لتبرعهم بأموالهم يعني ببساطه تأميم المجال الديني وعودة الى نمط الدولة الثيوقراطية القروسطية اللعينة وجوهرها اختطاف الدين والوصاية عليه واحتكار تأويله.

في تونس اليوم رفض تقنين صرف أموال الزكاة التي هي هبة وتبرع من مَواطنيها المسلمين بدعوى أنها من أركان دينهم وفرضا وليست صدقة تلاعب شقي بالحقيقة الدينية وتوظيف بائس للمقدس واصطفاف مجنون في خندق صراع هووي سخيف أفقه نسف مقومات اجتماعنا السياسي الوطني.
فمن العبث السخيف أن تفتش الدولة في نوايا وضمائر مواطنيها وتسأل من يتبرع بماله أو ممتلكاته عن دوافع تبرعه هل تبرع قناعة واستجابة لوعيه وحسه المدني؟؟ أو إيمانا واحتسابا لربه؟؟ وان كان كذلك هل تبرع صدقة أم واجبا؟؟ !!!.
التاريخ يقول أن رجل الدولة اذا لبس جبة الكهنوت يخون الدين ولا يبني دولة..