نصر الدين السويلمي
ينفق المسلمون سنويّا أكثر من 200 مليار وتريليون دولار على الزّكاة “الصّدقات الطوعيّة والإلزاميّة” وتعدل هذه القيمة 15 ضعفا من المساهمات المقدّمة للإغاثة الإنسانيّة العالميّة في متوسط الحالات.
لكن الخبراء في المجال الإسلامي يؤكّدون أنّه يجب المزيد من ترشيد إدارة أموال الزّكاة، كما أكّدوا أنّ مبالغ ضخمة ضائعة بسبب انعدام أو قلّة التعريف بأهميّة دفع أموال الزّكاة في العديد من البلدان والأقطار التي يتواجد بها المسلمين، وأنّ مفاهيم خاطئة على النّصاب لو يتمّ تصحيحها لأحدثت طفرة كبيرة، أبرزها الاعتقاد السّائد أنّ الزّكاة لا تُفرض إلّا على الأثرياء أو الأثرياء جدّا!
ولمعرفة الدّور الحقيقي الذي يمكن أن تلعبه الزّكاة، سبق للخبير الاقتصادي المعروف حبيب أحمد وأكّد “إذا جمعت الزّكاة في كلّ الدول الإسلاميّة، يمكن استخدام ما بين ثلث ونصف هذه الأموال لإنقاذ الفقراء في تلك البلدان” ويرأس حبيب قسم قانون التمويل الإسلامي في معهد الدّراسات الشّرق أوسطيّة والإسلاميّة في جامعة دورهام البريطانيّة، فيما قال الدّكتور طارق شيما رئيس الملتقى العالمي للعطاء الإسلامي أنّه “من الواضح وجود وعي متزايد في العالم الإسلامي حول أنّه إذا تحقّقت فعاليّة توزيع وإدارة الزّكاة، سيمكننا القيام بثورات في مجال التنمية ليس فقط للمسلمين، ولكن لكلّ النّاس في جميع أنحاء العالم”.
وتعتبر التجربة الماليزيّة من أرقى التّجارب في جمع الزّكاة، التي تجاوزت طرق التوزيع التقليديّة وأسهمت في إنعاش الاستثمار كما دخلت كفاعل في البنية التحتيّة، وتشجّع الدّولة هناك الطلبة الذي يقدّمون أطروحات حول أموال الزّكاة وكيفيّة الاستفادة منها والمشاريع التي يمكن أن تسهم فيها.
كما تعتبر بريطانيا من الدّول الأوروبيّة التي سعت إلى تقنين الزّكاة ضمن رؤية خاصّة تراعي حاجيّات المسلمين هناك، وأوجدت منصّات أرقى من تجربة “مؤسّسة الزّكاة الأميركيّة” التي بدورها باتت تحظى باحترام كبير لدى المسلمين في الولايات المتّحدة الأمريكيّة. ووقفوا عند أهميّة الدّور الذي تلعبه أموال الزّكاة، ووجّهت السّفارة البريطانيّة منتصف مارس نداءا إلى مواطنيها العالقين بسبب كورونا إلى طلب المساعدة من بيت الزّكاة الكويتي.
وتعتمد العديد من الدّول الإسلاميّة على صندوق الزّكاة منها الجزائر والإمارات العربيّة وقطر وعمان ومصر ولبّنان وليبيا والكويت والأرّدن والسّودان وماليزيا وأندونيسيا وباكستان وغيرهم.. كما تسعى المغرب إلى إحياء صندوق الزّكاة الذي بعثه الحسن الثّاني سنة 1998، التّاريخ الذي قرّر فيه الملك الرّاحل تمكين الدولة من الإشراف المباشر على الصندوق، لكن المشروع تعثّر وتسعى اليوم السلطات المغربيّة إلى إحيائه من جديد، وحُرّرت في ذلك ورقات وقدّمت تصوّرات، وفي وقت سابق من الشّهر الجاري أعلنت الجزائر عن الإستعانة بصندوق الزّكاة لمواجهة وباء كورونا.
وكانت المفوضيّة السّامية للأمّم المتّحدة لشؤون اللاجئين أطلقت “صندوق الزّكاة” لاستثمار أموال الزّكاة في مساعدة اللاجئين، وقالت المفوضيّة السّاميّة “إنّ العالم الإسلامي يمتلك القدرة على الارتقاء بالعمل الخيري إلى مستويات جديدة عبر الاستفادة من عشرات مليارات الدولارات من أموال الزكاة وتوجيهها نحو القضايا الأكثر إلحاحاً في وقتنا الراهن”.
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.