صالح التيزاوي
هبط علينا “فيديو” يستعرض صاحبه في مقدّمته، انزعاجه من “تكسير” اللّغة العربيّة، منتقدا أسلوب رئيس الجمهوريّة في استخدامها.. على الرّغم من أنّ أسلافه جميعا، كانوا يستخدمونها ولم نر احتجاجا… أحسنت الظّنّ بصاحب الفيديو سي عبد القادر الجديدي، الذي قدّم نفسه على أنّه خبير في “اللّسانيات”.. وقلت لعلّها الغيرة على اللّغة العربيّة، إلى أن هاج وماج و”طلعت كشاكشو”، مواصلا انزعاجه ولكن هذه المرّة (وهو جوهر الموضوع) من طريقة نطق بعض المسؤولين في الدّولة لبعض الكلمات الفرنسية..

أدركت إذا، أن الغيرة على اللّغة العربيّة، ليست هي بيت القصيد، وأنّها مجرّد (فوعة).. ستار للتضليل.. تماما كما يفعل دعاة “ثورة الجياع”.. يحرّضون في جنح الظّلام على انقلاب على مؤسّسات الدّولة متخفّين بشعار “الزواولة” والجياع.
تساءل صاحب الفيديو في استغراب، كيف لرجل دولة أن “يكسّر” الفرنسيٍة”، كأن ينطق (ريكيل) بدل recul وآخر، ينطق (فاكيلتي) بدل faculté… ويجتهد الصباحي في تعوبج فمه، لبيان بشاعة الخطإ… ويبدي حماسة كبيرة للغة الفرنسية وحزنا أكبر على ما حلّ بها على لسان التّحريفيين..
وإنت..” آش حرق شعيرك في طحينك؟” ميسالش الفرانسيس يكسرو لغتنا؟”ويحرّفون أسماء لعلماء عرب كبار: “ابن سينا” أصبح مكتوبا بلغتهم Avicenne و”ابن الهيثم” أصبح عندهم La hazan، حتّى أنكرناه وخلناه من بلاد الإغريق… حدث هذا وأكثر ولم نسمع لكم ركزا… لأنّ هوى الصبايحي من هوى أسياده… “ماتحملوش فيهم.. وما تحملوش حتى كيف يتمس حرف في لغتهم.. صبايحيّة على الدّوام… اليوم كما الأمس”!!
يا راجل… الفرانسيس كسروا شعوبا كاملة.. وكسروا اقتصاديات القارّة الإفريقيّة بأكملها، وكسروا اللغة العربية وأحلّوا محلّها لغتهم التي تدافع أنت عنها… وكسروا قيمنا وهويّتنا… وكسروا عظام المقاومين وذبحوهم من الوريد إلى الوريد.. ولم تنكروا.. فهل أزعجك تحريف حرف في لغة من استعمرنا؟ رحم اللّه أجدادنا الذين سمّوا أجدادكم “قوّادة فرانسا”.. هل أخذتك الحميّة على لغة المستعمر؟ أما علمت أن الفرنسي أو غيره من الأجانب، حتّى عندما يتعلّم اللّغة العربيّة، فإنْه يجد صعوبة في إخراج بعض الحروف من مخارجها الأصليّة؟ فما العيب في ذلك؟ وما العيب من كسر حرف في كلمة من لغة الفرانسيس؟؟ لم تسقط في كلّ الأحوال قطعة من “برج إيفيل” العظيم… ولكن تسقط في كلّ مرّة ورقة، فتترككم عراة من القيم.. حفاة من الإنتماء..
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.