عجائب حكومة الفخفاخ: إئتلاف حكومي بغير إئتلاف ولا تآلف سياسيّ..!!

عبد اللّطيف درباله

القيادي بحزب حركة الشعب.. هيكل المكي.. في حوار إذاعي.. وردّا على سؤال حول كيفيّة مهاجمته لحزب حركة النهضة واتّهام رئيسه بأنّه من قيادات تنظيم الإخوان الدولي.. وأنّ ذلك ضدّ مفهوم حكومة الإئتلاف.. ويخرق التحالف بين الأحزاب المكوّنة له.. ردّ بالقول بأنّ حركة الشعب ليست في تحالف مع حركة النّهضة..!!
وأنّ حركة النهضة ليست حليفا لحركة الشعب..!!

أكثر من ذلك.. قال النائب والقيادي بحركة الشعب بأنّ حليفهم الوحيد في الحكومة هو التيّار الديمقراطي.. نافيا بذلك حتّى التحالف مع تحيا تونس ومع بقيّة الأحزاب المكوّنة للحكومة ومنها نداء تونس والبديل التونسي الممثّل بكتلة الإصلاح الوطني..!!!
هيكل المكّي قال أيضا بأنّ حركة الشعب كان لها شرف إنهاء حكم “الإخوان” في تونس..!!
والأهمّ أنّه قال أنّ حركة الشعب لا تعتبر نفسها في حكومة إئتلاف حزبي.. وإنّما هي في “حكومة الرئيس”..!!!

لن نعلّق هذه المرّة على التصريحات الغريبة لهيكل المكّي.. والتي لم يعلّق عليها حزب حركة الشعب نفسه حتّى الآن بصفة رسميّة.. ولم يبد أيّ من قياداته الكبرى موقفا صريحا منها..!!
ممّا يحمل معه على تأييد حركة الشعب لما جاء فيها.. وعلى أنّ تصريح القيادي هيكل المكّي.. ليس مجرّد لخبطة واضطراب سياسي.. أو رأي شخصيّ.. وإنّما هو يعبّر عن رأي وموقف كامل الحزب..!!

لكنّ الملفت للإنتباه أنّ رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ لم يكلّف نفسه هو أو ديوانه أو أحد أعضاده في الحكومة.. حتّى التعليق على مثل هذا التصريح الخطير.. أو محاولة إحتوائه وإصلاح أثره..!!
فلو كان إلياس الفخفاخ يفهم في السياسة.. لسارع باستنكار مثل ذلك التصريح الخطير.. سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة..!!
ولأعلن عدم ارتياحه له..
ولدعا رئيس الحكومة.. ولو بواسطة عضو آخر فيها.. إلى نبذ الخلافات داخل الحكومة.. وإلى التوحّد من أجل مجابهة المشاكل والأزمات العاصفة.. وتحقيق تطلّعات الشعب.. بعيدا عن الخلافات الحزبيّة والسياسيّة..!!
ولكان طلب.. بطريقة معلنة.. من قيادة حركة الشعب توضيح موقفها في الموضوع..!!

ليس هذا الخلاف هو وحده الذي يعصف بحكومة الفخفاخ الآن..!!
بل أنّ الجميع في كواليس الحكومة يعلم بأنّ فتورا مكتوما بدأ يدبّ بين حزبي التيّار الديمقراطي وبين حركة الشعب.. حلفاء الأمس في جميع مفاوضات تشكيل الحكومة.. وفي الكتلة الديمقراطيّة بالبرلمان.. ومردّ الفتور خلافات سياسيّة حول التوجّهات الكبرى للحكومة.. وحول السياسة العامّة داخل وخارج البلاد.. وحول التوازنات داخل الحكومة.. ومنها استئثار محمّد عبّو بالكثير من الصلاحيّات والنفوذ مقارنة بحركة الشعب.. وعدم التنسيق مع الحركة في الكثير من المواقف..!!
كما يعلم الجميع حجم الخلاف والإحتقان بين حزبي التيّار الديمقراطي وحركة النّهضة.. والصّراع الواضح بينهما..!!
دون نسيان الخلاف بين حركة الشعب وبين النّهضة.. الذي بدأ يتصاعد من جديد بعد فترة هدنة..!!
وهناك أيضا تنافس وصراع بين وزراء الرئيس.. أي الوزراء المحسوبين على رئيس الجمهوريّة قيس سعيّد.. وبين بقيّة الوزراء بالحكومة من جميع الأحزاب..!!
وكذلك الحساسيّات التي خلقها استئثار مجموعة أعضاء الحكومة من وزراء ومستشارين يمثّلون الحلقة الضيّقة المحيطة بالياس الفخفاخ.. بالسلطة العليا وبالنّفوذ الأكبر داخل الحكومة.. وتوجيههم لسياستها وللقرارات المهمّة..!!

الأخطر من ذلك.. أنّ أحزاب الحكومة نفسها أصبحت خلافاتها واضحة للعيان حتّى في ما يخصّ قرارات الحكومة نفسها التي ينتمون إليها..!!
بل أنّ نواب بعض أحزاب الإئتلاف الحكومي أصبحوا لا يصوّتون في البرلمان.. على بعض مشاريع القوانين المقترحة من الحكومة نفسها..!!
في حين يصوّت بعض نواب أحزاب المعارضة لمشاريع قوانين الحكومة التي هم ليسوا طرفا فيها..!!
وتشتكي بعض أحزاب الحكومة من أنّ الحزب صاحب النصيب الأكبر بها.. وهو حركة النهضة.. يضع ساقا في الحكومة أي في السلطة.. ويضع ساقا أخرى خارج الحكومة أي في المعارضة..!!
فإذا أضيف إلى كلّ ذلك.. إحساس رئيس الحكومة.. وبعض الأحزاب القريبة منه فيها.. أنّ حزب حركة النهضة بدأ التحضير لإسقاط حكومته.. وتعويضها بحكومة جديدة مع شركاء سياسيّين جدد.. اكتملت صورة الحكومة المتهالكة التي يشتغل كلّ من فيها لحسابه الخاصّ..!!!
وما خفي كان أعظم..!!!

يتخّذ أمر هذه الخلافات السياسيّة وحالة التشتّت الخطيرة داخل الحكومة.. أهميّة أكبر وأخطر.. في قت حسّاس سياسيّا لحكومة إلياس الفخفاخ.. الضعيفة شعبيّا.. والضعيفة حزبيّا بالنّظر إلى الخلافات والصراعات التي تدور وسطها.. والضعيفة سياسيّا بالنّظر إلى الوضع العام للبلاد والاستحقاقات والتحديّات التي تواجهها..!!
لذا فإنّ حكومة الفخفاخ لا ينقصها اليوم أن يزيد التصدّع داخلها حتّى يصبح حادّا.. وظاهرا للعموم وللشعب..!!
لأنّ حكومة منقسمة.. ستستضعفها كلّ القوى واللوبيّات داخل البلاد وخارجها..!!
ولن يمكنها أن تصنع شيئا.. ولن تحقّق أيّ فائدة أو إنجاز للبلاد وللعباد..!!
فالحكومة الضعيف والمشتّتة والمنقسمة والمتصارعة والمتناحرة.. لا يمكن أن تمسك بالسلطة كاملة.. ولا أن تحسن إدارة الدولة..!!

ثمّ أنّ سكوت إلياس الفخفاخ عن نعت حكومته بـ”حكومة الرئيس”.. وكأنّ الأمر لا يعنيه.. أو كأنّه محرج من الردّ عليه وتفنيده..!!
قد يدفع ببعض الأحزاب المكوّنة لحكومته إلى التعامل معه بمنطق: “نحن سنسحب منك الثقة.. وسنأتي بحكومة ورئيس حكومة جديد عوضا عنك.. وأنت.. وبقيّة أحزاب حكومة الرئيس.. اذهبوا إلى الرئيس ليعطيكم حكومة أخرى لا تحتاج إلى منحها الثقة في البرلمان”..!!!