سليم حكيمي
“حفتر ليس خبيرا بوعث الحرب” وهي شهادة ضباط اكّدوا جهله العسكري. وعطفا على التاريخ، سنة 1972 بدأت مشاكل القذافي مع التشاد، مرّة بذريعة الدفاع عن المسلمين هنالك، واخرى بحجّة إقليم “اوزو” الذي أوفد اليه حفتر سنة 1978. ولكنه سقط سنة 1987 بهزيمته بـ”وادّي الدّوم” وصار من أُسراء التشاد مصنفا كمجرم حرب. حينئذ، بدأت علاقته بـ”السي اي اي” وهو ما نشرته “واشنطن بوست” في تقرير 17/8/ 2016.

ولفهم تسفُّله في حيوانية أفضت به الى نبش القبور مع محمود الورفلي، جنّد في الماضي أطفال المدارس، وحرق القرى التي رفضت التجنيد. ولتشجيعهم على القسوة، كان يُقيّد التشاديين ويأمر الأطفال الليبيين بذبحهم، وهو ما ورد في شهادة “إبراهيم سعد” عضو “قيادة جبهة إنقاذ ليبيا”. ولكن سبب الحرب الحقيقية هو رغبة القذافي في التخلص من الجيش بعد محاولته الانقلابية عليه سنة 1975، وهو ما أورده العقيد “عادل عبد الكافي” الذي فرّ بطائرته إلى مصر: “إن حرب التشاد كانت مؤامرة على الجيش، بل كان حفتر يرسل قوات ليبية الى التشاد دون ايّ تأمين، ثم يبلغ العدوّ للتخلّص منهم”. وهو ما ورد أيضا عن العقيد “رمضان زَمّوح” في برنامج “الصندوق الأسود”. حرب حُشد فيها 300 دبابة و 7 آلاف جندي، ولم ينج منهم سوى 700. بداية السّيرك: انكر القذافي إرسال الجيش، حقر حفتر بتسميته “حْفِيتِر” !!!.: وبكل سذاجة، “حْفيتَر” قائد الجيش الليبي والأسير يقرّر، الأسرى الليبيين انفسهم، الانتقام من القذافي!! فدخل “جبهة إنقاذ ليبيا” ثم غدَر وسلّم أسماء قادتها للقذافي عن طريق ابن عمّه “قذاف الدم” فحصل على 140 ألف دولار من يد “محمود الزوي” وراتبا بـ 15 ألف دولار وفيلاّ في القاهرة سنة 2005.
“يخلق الله ما يشاء ويختار”: القومجيّون الشعبويّون الذين سمّوا الثورات حروبا أهلية، والانقلابات ثورات، “هم أعلم الناس بأن القذّافي كان يستعد ّ للكيمياوي في سحق الشعب وان “صدّام حسين” القومي البعثي مدّ المعارضة بـ 34 طائرة و5 مليون دولار. يعتقدون أنه بدفاعهم عن حفتر هم يدافعون عن القذافي رغم انهم يعرفون انه كان له خصيم مُبين. كشْكَش “الصّافي سعيد” في مجلس النواب عن ازدواجية الجنسية -الفرنسية التونسية، وسكت عن الليبية-الامريكية لحفتر وعن ثروة ابنائه التي تقدّر بـ 8 مليون دولار في ولاية فرجينيا. شنّعوا بـ “السّلفية” و”الإسلام السياسي” متناسين أن الذّراع الرئيسي لقوات حفتر في ليبيا هم “السلفية المداخلة”.. لينتهوا بحكاية “امي السّيسي” وضرورة الحوار معه زاعمين سيطرته على 80% من الأرض، كما سفه المسيح الدجّال “محسن مرزوق”. يؤكّد الخبير المرجعي عن ليبيا الأستاذ مهدي ثابت: “يمتد الثقل الديمغرافي في منطقة الغرب الساحلية والجبل من مصراتة الى راس الجدير. يتجمّع فيها أكثر من ثلثَي السكان. لا يسيطر حفتر الا على 2 مليون من جملة 7 مليون. و5 مليون في المنطقة الغربية : طرابلس 3 مليون ساكن، وثاني المدائن الزاوية ومصراتة بهما حوالي مليون ساكن، والشريط الذي يمسح “الخُمس” و”زلْيطن” و”غِريان” و”جبل نَفوسة”… حوالي مليون ساكن. فعن ايّ سيطرة نتحدث ؟؟”. ليبيا شبه قارّة، لها شريط ساحلي بـ 2400 كم، وتاهت في صحرائها جيوش في الحرب العالمية الثانية. والسيطرة على %80 من ليبيا لا يقدر عليها إلا جيش من مليون مقاتل. والجنوب لا يهيمن عليه لا حفتر ولا حتى حكومة الوفاق. لم يحتل حفتر اي مدينة بالكامل، بل يتعامل مع ميليشيات في المدن تدفع لها أموال سعودية واماراتية وصهيونية. ثوار فبراير الحقيقيون رفضوا وجود “حْفيتر” في الجبهة 2011 حين اقحم نفسه فيها، وظل متربّصا بهم الدوائر الى أن حاول الانقلاب عليهم في 2014 مستعملا اسما مضلّلا “عملية الكرامة”. والجيش الليبي تم حلّه سنة 1985 من القذافي وعوّضه بكتائب بأسماء أبنائه. وحفتر هو من استعمل “داعش” ببنغازي وصَدّرهم الى “بني وليد” و”سرت” التي أخرجهم منها ثوار فبراير، ليتم وصفهم من “إعلام الحجّامة” بالميليشيات. وفي انقلاب معايير “أولاد القطوسة” من مرتزقة الفاغنر الروسية وجنجويد السودان، ومصريين صاروا هم الجيش!.
يعيد التاريخ نفسه، ومالطا التي احتلّت طرابلس في عهد “القدّيس يوحنا”، ارسل سكانها الى السّلطان “سليمان القانوني” مستنجدين، فجاءهم المدد محرّرا. بوزن التاريخ، دخلت تركيا البيوت من ابوابها، بطلب من حكومة الوفاق الشرعية. ولست ادري من دعا الإمارات وروسيا ومصر والسعودية ؟. والذين يعترضون على وجودها، اذكرهم بأنه حين وصف “فاروق حسني” وزير الثقافة المصري دخول مصر لليمن في زمن عبد الناصر، بالغزو، فردّ عليه النّاصريان، رئيس مجلس الشّعب الناصري فتحي سرور وزكريّا عزمي مدير ديوان الرئيس بأن مصر لم تَغزُ بل ذهبت بطلب يَمني لمساعدته ضد أي تدخّل خارجي” (القدس العربي 10 فيفري 1998، ص 9).
التكنولوجيا التركية تصنع الفرق، ولكنها تبقى مجرّد وسائل لانّ الروح القتالية هي الحاسمة للثّوار.. “اسد الصحراء الجديد” كما ضحّمه إعلام الغرب، خسر هذه أيام ما لم يفقده في سنوات. هو الأداة الوحيدة للثورة المضادة، لجأوا اليه رغم أن راي الأمريكان فيه قديما أنه “لا يقاتل أسير حرب من جديد”. تتحدث اطراف عن إعداد “سيف الإسلام” الموجود في الزّنتان قائدا جديدا. الدّرب عسير ولكن سيُهزم حفتر لانّه له “طيّارات، اما مَعندوش شْكون يْقَعمِزْ عليهم”. كما أجاب القذّافي يوما.
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.