عبد الحق الزمّوري
أنا من بين أولئك الذين أنعم الله عليهم فترة الحجر بعدم مشاهدة التلفزيون إلا نادرا. هكذا… بلا سبب!!! أحمل نفسي حملا على التمدد أمامها بعد الغداء… أفتح على بعض القنوات الإخبارية الأجنبية… ثم أغفو لدقائق. كنت أحب متابعة مباريات كرة القدم… ومشاهدة الأفلام… لم أعد أحتمل البقاء أمامه طويلا، سرعان ما أرتد إلى مكتبي، هربا أو لهفًا. أقضي فيه 12 ساعة يوميا أو أكثر… دون أن أشعر بالملل أو الضيق… ودون انقطاع عن أهلي من حولي… تناغمٌ هادئ… نعمة من نعم الله.
•••

أشار أخي الفاضل عماد العزالي منذ أيام إلى كتاب “الشخصية التونسية” لأستاذ علم الاجتماع المنصف وناس، (وكان قد صدر في دار النشر التي يديرها)، ودعا إلى الإطلاع عليه بمناسبة ما نراه من استهتار بقرارات الحجر الصحي.
كنتُ من تشرف بتقديم الكتاب عام 2009، وقد اطلعت عليه، لذلك أضم صوتي إلى صوت عماد، وأنبه إلى أن غياب مثل هذه المقاربات والانشغالات والمعارف عن دوائر صنع القرار مآلها ما رأيتم (وسنرى أكثر) من تصرفات الناس، باختلاف مراتبهم ووضعياتهم الاجتماعية ومستوياتهم العلمية، وفوضاهم وتوتراتهم ولا عقلانيتهم. وبالتالي فلا غرابة إذا ما فشل الحُكام في وضع سياسات عمومية وقرارات تنفيذية تُنْفِذُ ما يسطرونه على الورق. أسوق لكم فيما يلي بعض ما ورد في مقدمة الكتاب لتعلموا قيمة مثل هذه الأعمال، عسى تنظر البصائر:
“بعد عقود خمسة من استقلال تونس يبدو أن مفهوم الشخصية التونسية بحاجة إلى أن يُزار علميا مجددا وأن تُحيّن مقارباته من أجل تعريفه تعريفا دقيقا. (…) فالشخصية عامة والشخصية القاعدية خاصة مبحث معرفي يكاد يكون محتكرا من قبل المدرسة الأنجلوسكسونية بدليل كثافة إنتاجها في المجال وتعدد مقارباتها وأسماء علماء اجتماعها وأنثروبولوجييها الذين اهتموا بالموضوع.
فكيف يمكن أن نتعامل مع مفهوم الشخصية القاعدية أو الوطنية، لا باعتباره مفهوما مجردًا ومرتبطا بمدلولات نفسية محض، وإنما من منظور أنه سلوك اجتماعي وواقع معيشي يومي؟
(…) فغاية طموحنا في هذا الكتاب هو أن نصل إلى بناء تصور موضوعي لتطور المجتمع التونسي وأن نشخّص عوامل تهيئةٍ مستقبلية لهذه الشخصية.”.
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.