عبد اللّطيف درباله
مع التأكيد بأنّ جثث المصابين بالكورونا يمكن أن تنقل العدوى بالفعل.. وهو ما يوجب دفنها وفق إجراءات صحيّة خاصّة.. بعد لفّها بمواد عازلة.. وتعقيمها.. وحفر القبور بعمق مناسب.. وارتداء القائمين بالدّفن لأزياء وقائيّة.. وعدم حضور مشيّعين عاديّين..
فإنّ الاعتراض من بعض سكّان المناطق.. على دفن الضحايا بالمقابر القريبة منهم.. يبدو غير مبرّر علميّا.. ولا يتوافق مع أيّ مخاطر صحيّة معقولة لخطر العدوى..!!
إذ يؤكّد الأطبّاء والمختصّون.. بأنّ الفيروس لا يعيش إلاّ في الأجسام الحيّة.. وأنّه يموت بدوره بعد ساعات قد تطول أو تقصر من وفاة المصاب به.. وأنّ المواد العازلة التي تلفّ الجثّة وطمرها على عمق مدروس تحت التراب.. تنهي خطر العدوى تماما..
الواقع.. أنّه عافانا وعافاكم اللّه.. كلّنا معرّضون للموت بالكورونا.. أو لا قدّر اللّه لفقدان أحد الأقرباء أو الأحبّاء.. ولن نكون والحالة تلك مرتاحين لأعمال الاعتراض الهمجي والفوضوي وغير المبرّر.. على الدّفن في المقابر العاديّة.. طالما كان ذلك ممكنا طبيّا.. وغير مضرّ..!!
من جهة أخرى.. فإنّ الكثير من المرضى المصابين بفيروس كورونا.. يعانون من نظرة احتقار غريبة من الكثير من الناس.. ومن سوء المعاملة والجفاء.. مردّها الخوف أو الرعب من العدوى.. وتحميل ضمني لهم للمسؤوليّة بغير تبرير علمي أو منطقي..!!
وهو يعكس نوعا من العداء من الآخرين.. مردّه الخوف من أن يكون المرضى سببا في إصابتهم بالعدوى بدورهم..!!
والحال أنّ الإصابة بالعدوى لا تعكس مبدئيّا أيّ خطأ أو ذنب أو عيب أو عمل غير أخلاقي للمصاب بالفيروس..!!
الحقيقة أنّنا كلّنا معرّضون للإصابة بالفيروس.. دون أن نعرف مصدره أو كيفيّة ذلك..!!
وقد تنتقل إلينا العدوى في أيّ وقت.. ومن كلّ شيء.. من كيس التسوّق ومعلّبات وأغلفة المواد الغذائيّة.. إلى الناس الذين نلتقيهم كلّ يوم.. ومنهم أقرب الناس إلينا أو مساكنينا.. إلى ملامسة الأشياء الموبوءة دون علم.. إلخ..
لذا.. فإنّنا لا نحبّ بدورنا أن نُعَاملَ بطريقة غير إنسانيّة أو غير أخلاقيّة.. لمجرّد أنّنا قد نصاب بالفيروس يوما..!!
الحالة الوحيدة التي يمكن فيها لوم الشخص المصاب بفيروس كورونا.. هي بالتأكيد حالة الذي لم يتقيّد بالحجر الذاتي الوجوبي..!!
أو حالة الذي ومع معرفته بإصابته بالمرض.. فإنّه لا يلازم الحجر الصحّي.. ولا يتخّذ الإجراءات التي تحمي غيره.. ويعرّض حياة مساكنيه من عائلته وأقربائه.. وحياة الناس الآخرين في الشوارع.. للعدوى وللخطر..!!
هذا شخص سيّء بالفعل.. ويعدّ “مجرما” بطريقة أو بأخرى..!!
لذا فإنّه وفي ما عدا الحالة السابقة.. فإنّ الموقف السلبيّ من مرضى الكورونا ومن دفن ضحايا الكورونا.. هو موقف يفتقد للإنسانيّة وللمنطق وللحسّ السّليم..!!
قليل من العقلانيّة.. وكثير من الأخلاق.. مطلوب..!!!
وكلّنا قد نكون الرقم القادم.. عافانا وعافاكم اللّه..!!!
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.