الإثنين 2 يونيو 2025
عبد-اللّطيف-درباله
محامي وكاتب تونسي

ما الذي جاء من أجله الرئيس أردوغان إلى تونس..؟؟!!

عبد اللّطيف درباله

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وصل إلى تونس في زيارة فجئيّة غير معلنة.. وقع التكتّم عنها جيّدا..!!!
وكان في استقباله بالمطار الرئاسي رئيس الجمهورية قيس سعيّد..

يمكن أن تسمع من الآن وخلال كلّ الساعات القادمة مختلف التحليلات المدهشة لأسباب الزيارة الفجئيّة الغريبة.. وأهدافها.. وأسرارها..!!
وتوقّعوا أن تسمعوا كلّ التحاليل الممكنة.. وغير الممكنة..!!
المعقولة.. والعجيبة..!!
المستقيمة.. والحلزونيّة..!!
المضحكة.. والمبكية..!!
يمكنك أن تستمتع اليوم بفرجة كوميديّة مسليّة..
فقط ضع أعصابك في ثلاّجة.. وخذ الأمر هزلا وجهلا..
حتّى لا تصاب باكتئاب.. أو برغبة في اللّطم..!!!

نرجو فقط أن لا تصل تفاهة ما سيقوله جهابذة التحاليل السياسيّة.. والكرونيكورات العباقرة في تونس.. إلى أن نسمع مثلا تحليلا مدهشا يقول أن الرّئيس قيس سعيّد استنجد بأردوغان من أجل إقناع حليفه الغنّوشي بقبول مبادرته بالرجوع الى مفاوضات تشكيل الحكومة مع الشاهد والتيّار والشعب.. والتي رفض رئيس النهضة الغنّوشي الرجوع إليها مرّة أخرى بعد رفض الأحزاب الثلاثة لها في يوم سابق..!!!

سنسمع طبعا أنه تأكّد أنّ قيس سعيّد هو عميل للإخوان..
أو تأكّد أنّه عميل لإيران.. وسيُدخِل تونس في الحلف الإيراني-التركي..!!!
أو تأكّد أنّ قيس سعيّد إسلاميّ مستتر.. وأنّه تابع للنهضة.. والدليل أنّ أوّل رئيس دولة استقبله.. كان هو رئيس تركيا راعي الإسلاميّين والنهضة..!!
وسنسمع الكثير اليوم..!!

بعيدا عن كلّ الترّهات التي قد نسمعها.. فإنّ الواضح أنّ زيارة أردوغان لتونس تأتي في ظلّ الوضع المتأزّم في ليبيا الشقيقة.. وتأجّج الحرب حول طرابلس من جديد.. واحتمالات تطورها إلى حرب ضارية وطويلة.. بكلّ ما قد تحمله من أضرار إلى تونس..
أو احتمال سقوط طرابلس والمناطق الغربيّة بيد قوّات خليفة حفتر المسيطرة على بنغازي والشرق.. وأن تصبح الحدود الليبيّة التونسيّة تحت سيطرة جنرال الجيش الليبي الموالي للنظام العسكري في مصر بقيادة الجنرال عبد الفتّاح السيسي.. وانعكاسات ذلك على الوضع التونسي..!!

التطوّرات المتسارعة للأحداث في ليبيا.. ومقابلة الرئيس التونسي قيس سعيّد لرئيس حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليّا ورسميّا والمسيطرة على طرابلس والغرب.. ثمّ مقابلة الرئيس سعيّد لوفد كبير من زعماء القبائل الليبيّة منذ يومين.. مع استقبال الرئيس التركي اليوم بعد أسابيع من إمضائه مع حكومة الوفاق بطرابلس معاهدة أمنيّة.. واتّفاقا على إعادة ترسيم الحدود البحريّة بين تركيا وليبيا.. وتلويح تركيا بالتدخّل العسكري في ليبيا لحماية طرابلس من السقوط بأيد حفتر.. وعدم الاكتفاء بالمساعدات العكسريّة فقط كما في السابق.. والموقف المهمّ من الدولة الكبرى الجارة الجزائر شريكتنا في الحدود البريّة مع ليبيا من الأمر.. ورفضها المعروف لسيطرة حفتر على كامل ليبيا..
كلّها عوامل تحمل دلالات واضحة على أنّ تونس قد تجد نفسها مضطرّة إلى لعب دور محوريّ وفاعل في الأزمة الليبيّة..
تماما كما لعبته في أيام الثورة الليبيّة في حرب الإطاحة بالقذّافي..!!
دورا قد يجعل تونس تخرج من الحياد السلبي.. إلى الاضطرار للوقوف مع أحد طرفي النزاع في ليبيا.. ولو كان ذلك بطريقة غير مباشرة..
إمّا مع قوّات الجنرال خليفة حفتر في الشرق..
أو مع حكومة الوفاق الوطني الرسميّة في الشرق على حدودنا..
خيارا قد لا يكون سهلا.. أو بلا فاتورة حساب.. في الحالتين..!!

وأيّا كان الموقف التونسي من صراع الفرقاء في ليبيا.. فإنّها قد تجد نفسها تبعا لذلك داخل أحد التحالفات الإقليميّة والدوليّة.. المساند كلّ منهم لطرف في ليبيا على حساب الآخر..
وتصبح تونس تبعا لذلك في قلب صراع جيواستراتيجي وسياسي واقتصادي وعسكري عالمي كبير.. ورهيب..!!!

فما الذي جاء من أجله الرئيس التركي أردوغان إلى تونس..؟؟!!
وما الذي سيفعله رئيس الجمهوريّة التونسيّة قيس سعيّد في هذا المأزق..؟؟!!


اكتشاف المزيد من تدوينات

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً

إحسان الفقيه

بعيدا عن نتائجها… شراسة الانتخابات تزكية لأردوغان

إحسان الفقيه الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في تركيا، الانتخابات الأكثر أهمية في العالم هذا العام، هكذا …

ديفيد هيرست

في حال خسارة أردوغان.. سيتم الاحتفال بفتح زجاجات الشمبانيا من برلين إلى واشنطن!

ديفيد هيرست (Middle East Eye) لو عدنا لعام 2016، للساعات الأولى من يوم 16 يوليو …

اترك تعليق