الثّنائي الرّاعي للحوار…
صالح التيزاوي
تونس ولّادة… نقول هذا بمناسبة السّعي الدّؤوب للسّياسيين والمثقّفين البارزين جوهر بن مبارك والحبيب بوعجيلة في تقريب وجهات النظر بين رباعي الأحزاب المكوّن للإئتلاف الحكومي، ويذكر لهما أنّهما جنّبا البلاد الذهاب إلى خيارات كارثيّة على الثّورة وعلى البلاد، في حال نجاح الوساطة:
الأوّل: الذّهاب إلى حكومة الرّئيس، مع ما في ذلك من خرق للدّستور، قد يمهّد لخروقات أخرى.
الثّاني: الذّهاب إلى حكومة كفاءات مستقلّة، قد تحبّذها لوبيات الفساد وشبكاته لأنّها تحبّذ حكومة عارية من أيّ سند حزبي، حتّى لا تكون قادرة على اتّخاذ الإجراءات اللازمة لمحاربة الفساد والفاسدين ومداهمتهم في أوكارهم وجحورهم. ولا شكّ أنّ ذلك سيزيد من إضعاف الحياة السّياسيّة التي لا تبنى ولا تزدهر إلّا بالأحزاب مهما اختلفت وليس بالمنظّمات والمستقلّين. في مثل هذه الحالة يجد الشّعب من يحاسب في قادم الإستحقاقات الإنتخابيّة. وإلّا فما جدوى الإنتخابات إذا، عندما يقع اللّجوء مع كلّ أزمة إلى “الكفاءات” وإلى مستقلين، هم غير مستقلّين. فهم مثل التيّاس الذي يستعمل ليُحلّ حراما بحرام أشدّ.
الثّالث: الذهاب إلى انتخابات مبكّرة قد لا تنتج مشهدا مغايرا، وقد تشهد عزوفا انتخابيّا لا يؤهّل أيّا من الأحزاب لنيل أغلبيّة تهيّئه لتشكيل الحكومة، يضاف إلى ذلك التكلفة الباهظة لانتخابات ثانية قد تزيد من تدهور الأوضاع الإقتصاديّة والإجتماعيّة، وتزيد من نقمة التوانسة على الإنتخابات.. فنحن في حاجة إلى كلّ دينار، ينفق في غير وجهه، وتوجيه للتّنمية.
نجاح الوسيطين النّزيهين، يعنى أنّ الثّورة بدأت تنتج مثقّفيها وسياسيبها من خارج المنظومة القديمة، وأنّنا في حال الأزمات أصبح بإمكاننا أن لا نلتفت إلى الوراء للبحث عن وسيط، ليحلّ أزمة، هو من افتعلها.. ثمّ يعلن أنّه جاهز لتحمّل المسؤوليّة!! هذه الوساطة، ستكون بمثابة الشّهادة أمام الشّعب على “الشّركاء المتشاكسين” وتعطي الأمل بإمكانيّة الإلتقاء على الحدّ الأدنى المشترك، عندما تصدق النّوايا، وعندما يتخلّص المشتغلون بالسّياسة من بقايا أفكارهم الرثّة ومن أحقادهم القديمة، التي كثيرا ما يستدعونها في كلّ أزمة وفي كلّ خلاف.