حكومة الخماسي للنجاح القياسي
منذر بوهدي
تمثل تعبئة موارد ميزانية 2020 اكير تحدي للحكومة المقبلة والتي تناهز حوالي 12 الف مليار دينار لميزانية تقدر بحوالي 47 ألف مليار بالاضافة الى جملة من الملفات الحارقة الأخرى التي تم التطرق إليها من السيد يوسف الشاهد رئيس الحكومة المؤقت في حوار الوداع الأخير.
غير أن التعاطي مع هذه المعطيات الثابتة والدقيقة البحث في الحلول والخيارات ليس تقنيا او فنيا أو حسابيا فقط بل بالأساس سياسي بامتياز قبل ان يكون حتى اقتصادي واجتماعي بالضرورة طبعا…
عندما يكون للحكومة عنوان سياسي واضح وعقل جماعي للخلاص والتغيير الإيجابي معلوم التوجهات والخيارات المجتمعية التي يرى الائتلاف المشكِّلِ لها انها ضرورية للمرحلة وللبلاد ويأخذ بعين الاعتبار الخيرات السياسية التي عبر عنها الشعب صراحة في خياراته إبان انتخابات ايّام 6 و13 اكتوبر 2019 وهو ما ستذهب اليه ربما القوى السياسية الفائزة في الأيام القليلة المقبلة (النهضة والتيار وحركة الشعب وتحيا تونس وائتلاف الكرامة)..
ويضبط ضمن هذا التوجه المتفق عليه المشترك الأدنى لمسار الخيارات الكبرى وركائز المنوال الاقتصادي المنشود لتغيير المنوال الاقتصادي القائم الذي أثبت انتهاء صلاحيته منذ بدايات تفكك روابطه الريعية والزبونية وقاعدته السياسية المنهارة والتي كانت مرتكزة على مفهوم الأحادي والفردي في جل الخيارات والانتهازية والتحيل والفساد جل كل قطاع وفِي مختلف المستويات وفِي كل شبر وحتى في كل دشرة هناك دائما واحد أحد يعول عليه ضمن منظومة الدولة الظل المتمعشة ليلا نهارا من الظلم والقهر والحيف الجهوي والفئوي.
هذا الخيار السياسي الجديد المعلوم الهوية الاقتصادية والخيارات المجتمعية يمكن أن تبني على أساسه الدولة من خلال مؤسساتها المنتخبة برلمانا ورئاسة جمهورية وعبر حكومتها المنحازة لخيار الشعب المتطلع للخلاص الجماعي أن تبني مناخات ثقة وأمل حقيقية في الداخل والخارج وترسل رسائل طمأنة وجدية ومسؤولية يمكن أن تسهل إبرام اتفاقات متوسطة وطويلة المدى مع كل شركاء تونس التقليديين وآخرين جدد إفريقيا واسيا خصوصا ومع كل المنظمات المانحة والمقرضة من جهة ومع مؤسسات الاقتراض الداخلي ايضا من ناحية أخرى
وهو ما يمكن أن يفتح الطريق بشكل كبير وملموس عمليات التعبئة المالية الضرورية لإنعاش المالية العمومية ودفع الاستثمار.
وهذه اولى خطوات النجاح الفعلي ومن جهة اخرى ستكون أيضا هناك إمكانية حقيقية لإمهال الحكومة عن اقتناع وبأمل حقيقي في تحمل التغييرات المؤلمة والتي ستكون بدعم من قبل المنظمات النقابية وأصحاب الأعمال أيضا وسيسعى الجميع إلى تقاسم التضحيات عن قناعة للاستفادة من خلق الثورة في أفق سنتين وهو الأفق الممكن لبلوغ بداية التعافي الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي… يمكن في أفق السنتين أن نسجل مؤشرات إيجابية في النمو والتوازنات المالية والعجز التجاري والعجز في الميزانية وسعر الدينار وغلاء الأسعار وغيرها.
من جهة أخرى سيكون ملف حوكمة الدولة ومؤسساتها ومحاربة الفساد وتقليص مستواه الى حدود لا تمنع الدولة من السيطرة على كل مقدراتها وتبسط سيادتها على كل الفاعلين الاقتصاديين في السواحل وعلى الحدود وفِي كامل البلاد. ثم إن إصلاح القطاع العام عموما سيمثل دافعا إضافيا لبدايات التعافي الاقتصادي واتخاذ منحى تطور تصاعدي حقيقي في كل المجالات اذا تم أيضا إرساء منظومة عدالة وعدل تستجيب للمعايير الدولية في المجال ستترسخ الثقة في منظومة الدولة ومؤسساتها ومنظماتها وهيئاتها ويتجذر التعايش والتكامل بين كافة فئات الشعب التونسي.
ومن المؤكد ايضا اذا ما نجحنا في كل هذه المسارات ان مجال وافق جاذبية تونس ستتوسع باستمرار لشتى أشكال الاستثمارات ذات الجدوى العالية على مستوى خلق القيمة ودفع التشغيل.
اذا توفرت كل هذه الشروط او جلها كان للبلاد حظوظ جدية لمحاصرة الأزمة والخروج بالبلاد إلى بر الأمان في أفق قريب جدا في عمر التحولات العميقة للشعوب المتطلعة للحرية والكرامة..
بعد الثورة اكيد خير
لا بد لليل ان ينجلي