مقالات

لِعْلِيج حفتر وأنصاره من النمط ومشتقاته في تونس

زهير إسماعيل

حفتر يعلن بدء عدوان جديد على طرابلس. وواضح أنّ العمليّة استباق لمساعدة تركيّة عسكريّة ممكنة بعد الاتفاق الأخير بين حكومة السرّاج الشرعيّة دوليّا وتركيا. وهذا الاتفاق نفسه يأتي بعد التدخّل الروسي العسكري واللوجستي إلى جانب حفتر المدعوم من قبل الإمارات ومصر وكلّ أعداء الديمقراطيّة في البلاد العربيّة.
كنّا نعتقد ومازلنا أنّ تدخّل الروس في سورية لن يكون إلاّ بتنسيق مع الكيان الصهيوني ورعاية أمريكيّة. واعتبرنا روسيا هي الوجه الآخر للغرب العنيف وجدار الصدّ للمارد الصيني، الذي إذا هيمن لن يكون أقلّ وطأة علينا من الإمبرياليتين الأمريكيّة والسوفياتيّة (سابقا) الروسيّة الفاشيّة (اليوم).
واليوم يتوضّح هذا الدور الروسي في ليبيا. وتبدو “الاستفاقة الاستراتيجيّة” لإيران واتجاهها إلى بناء تحالف مع تركيا متأخّرة.

في علاقتنا بما يجري في ليبيا تتوضّح المواقف أكثر فأكثر. وسيقف النمط ومشتقاته المعلنة والخفيّة مع “الجنرال حفتر”. ولو سألتهم من منطلق مصلحة البلاد وانتقالها الديمقراطي وقلت لهم: أين تكون مصلحة تونس؟ وما هو الموقف الذي يدعم ديمقراطيتها وانتقاله؟ هل هي مع حكومة السرّاج الشرعيّة المدعومة بالأتراك أم مع حفتر المدعوم من الإمارات ومصر وروسيا؟
جوابهم معروف. فلقد دعوا جيشنا الوطني إلى الانقلاب على الديمقراطيّة في 2013. واجتهدوا في استنساخ النموذج المصري. ولكنهم أخفقوا. لذلك هم مستعدّون اليوم للاستنجاد بحفتر وفي ذهنهم أنّهم ينتصرون على خصم إيديولوجي. وهذا التوجّه سيشمل حتّى أدعياء الثورة في تونس المناهضون لها خارجها استجابة لجوهرهم الشبيحي.

هذا الطيف الواسع هو في حقيقة موقف يعتدي على تونس في كلّ مفرداتها. فحتّى إن سلّمنا ببورقيبيّتهم وبحداثتهم وتمسّحوا بالديمقراطيّة والوطنيّة. وهم ليسوا كذلك، فإن اتنصارهم لحفتر يخلع عنهم كلّ ذلك ويتركه “زنط” من كلّ قيمة. وتقدّم حفتر، ولن يتقدّم، هو اعتداء على بورقيبة ( يتجلببون بها كذبا بعد أن تركوه فريسة لبن علي الفاشي) وعلى الدولة وعلى كلّ ما تمّت مراكمته رغم الدمّار الذي عشناه في ظل الدولة الجهويّة الغنائميّة، وهو اعتداء على ديمقراطيّة عملوا بكلّ الوسائل على وأدها حين انهزموا انتخابيّا.

تلك هي حقيقتهم…
تقفون إلى جانب حفتر يا رسول لله… البراد الخامس من القذّافيّة؟ هذي آخرتها؟ هذي آخرتكم…
قلنا إنّ حفتر لن ينجح. أولا لسبب ذاتي فهو المدلول الأوفى في تجسيدها، ولم ينتصر في معركة. وباع نفسه حين كان أسيرا في التشاد للأمريكان، ونقل إلى فرجينيا لرسكلته، وجيئ به أثناء الثورة. فالنيتو الذي شارك في إسقاط القذّافي بعد أن أصبح غير مرغوب فيه لا يملك قوّة على الأرض، فاجتهد في اصطناع من يمثّله فيما سمّي بنواة الجيش الليبي (هامش من الجيش الليبي تركه القذّافي في ئلّ سيذرة اللجان الثوريّة). وفي هذا السياق كان اغتيال عبد الفتاح يونس حين شبّ الخلاف بين ثوار 17 فبراير ومكونات من قيادات الجيش الليبي. ويتّهم حفتر باغتيال عبد الفتاح يونس غير القابل لخطط النيتو. وتواصل هذا الصراع، فكان المؤتمر الوطني العام، ثم انقسام البلد بين حكومتين،. وصولا إلى تمرّد حفتر وتدميره بنغازي ومهاجمته العاصمة.

ولن ينجح لسبب موضوعي هو قوّة مجاميع الثوار القتاليّة رغم ما تعرفه من تفرّق واختلاف مصالح ونزعات ميليشياويّة وعجزها عن تشكيل جيش وطني يدافع عن وحدة ليبيا والثورة. ومع ذلك فإنّ قوات بركان الغضب من أشرس المجموعات القتاليّة بشهادة الأفريكوم. وبركان الغضب هي من هزمت داعش في سرت رغم مساعدتها لوجستيا من قبل حفتر.
حفتر لا يحسن إلاّ التبهبير، وسيكون من جعجعته القذافيّة فرصة لافتضاح النمط ومشتقاته بيننا…
العلاقة التركيّة الإيرانيّة باتت حقيقة ليس فقط في سوريّة وإنّما في ليبيا أيضا، ولن تكون بعيدة عمّا يعرفه اليمن.
المحور التركي القطري الإيراني يتجه إلى أن يكون حقيقة، رغم الاستفاقة الإيرانيّة التي من الصعب أن تمحو آثار موقفها من الربيع ونتائجها في سورية.
نميّز بين المحور التركي القطري الإيراني والمحور الأمريكي الصهيوني الروسي الخليجي على قاعدة الموقف من الربيع ومسارات بناء الديمقراطيّة والانتماء للمواطنة.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock