حالة مسيّبة !!!
صالح التيزاوي
ستتعبنا هذه الزّغراطة وستتعب قلوبنا التي لم تشف بعد من أعوام القهر والإستبداد.. قضّت قرابة العشرين عاما تمسح أحذية المخلوع وتركض خلفه من تجمّع إلى آخر، تتبعه مثل ظلّه، تقوم بأقذر مهمّة لا يقبل بها إلّا من هانت عليه كرامته،
الحشد الشّعبي في صفوف العوام من الذين فتك بهم الفقر (وهؤلاء لا لوم عليهم) توزع عليهم صور المخلوع وتعلّمهم الرّقص على أنغام نشيدها المفضّل “ما كيفو حدّ”.. كم هي منافقة وانتهازيّة إذ ترفع اليوم صور بورقيبة لتواري بها سوأتها.
لم تكن سياسيّة ولم يكن لها دور سياسي ولا هي من الصّفّ الأوّل ولا حتّى من العاشر… مجرّد مهرّجة في عروض مسرحيّة سخيفة ومضلّلة.. صورة المخلوع بيد وصورة الحجامة بيد أخرى (مع الإعتذار لشريفات تونس اللاتي يمارسن هذه المهنة الشّريفة).. بصرها على من لا يصفّق بحرارة للمخلوع أو من لم يهتف عاليا باسمه.. تفعل ذلك نظير “عشوة” أو “غدوة” على فتات مائدته لتنوب عن الأربعين ألفا من الصّبّابة ومن أحفاد الصبايحيّة.
ها قد عادت إلى المشهد السّياسي من بوابة الدّيمقراطيّة التي لم تؤمن بها أصلا في نظام القتل والعهر السّياسي… اليوم عادت وما أتعسها من عودة لتصول وتجول وتهيج “الحارزة” على طريقة الثّيران الهائجة وتمارس فاشيّتها وعنصريّتها البغيضة وتعطّل عمل البرلمان ولجانه، رغم ما يمكن أن يقال عنه ورغم المآخذ على الوجوه التي احتواها وكنّا نتمنّى رحيلها، ورغم ذلك فإنّه يبقى مؤسّسة دستوريّة تشريعيّة، أعضاؤه منتخبون من الشّعب (بما فيهم تلك الكائنات غير الدّيمقراطيّة والتي لم تتطلّع يوما أن تكون ديمقراطيّة).
إذ ليس من اللائق أن تغادر مكانها في كلّ لحظة لتلفّ وتدور حول نفسها مثل رقّاص السّاعة متلفظّة بأسوأ ما يمكن أن يخرجه أقذر مخلوق على وجه الأرض من جوفه ولسانه..
ربّ ضارّة نافعة.. فقد فتحت الفاشيّة سليلة الشعب بما أثارته من صعلكة وبلطجة جراحا، حاول البعض غلقها، قبل محاسبة من تسبّب فيها.. جراحات سنوات القهر التي كانت الزّغراطة أحد أوباشها وجراح الثّورة المغدورة.. ومنتهى الغدر بها أن تستفيد الفاشيّة من الحرّيّة وتلعن الثّورة التي جاءت بالحرّيّة.