تدوينات تونسية

الثورة.. فقط.. مقدسة

محمد المولدي الداودي

النظام وهيبته.. السلطة ورهبتها.. الأسماء الكبيرة المخيفة المرعبة.. كلها سقطت في لحظة ثورية معجزة..
الثورة حررت الشعب وحررت الكلمات المحتجزة وحررت المواقف المخيفة المختفية وحررت العقول المكبلة وحررت الضحكات المتسترة زمن القهر والجمر..
الكل تحرر من وثنية النظام ورموزه ووثنية السلطة ومؤسساتها.
في هذا الفضاء الحر ومع هذا الشعب الحر على الكل أن يقبل بقانون الثورة ولا يخشى شروطها ولا يرفض قواعدها.

أعتقد أنني أحد الذين يفخرون بهذا الانتماء للاتحاد وأعتقد أنني من حفظة تلك الديباجة التي يتقنها النقابيون في اجتماعاتهم ومؤتمراتهم وندواتهم.
اعتقد انني ممن يستميلهم خطاب النضال والمناضلين وأذكر أنني لبست يوما تلك القبعة تشبها برموز العمل النقابي..
كلمات جافة وباردة قتلت معناها منذ سنين اسمعها في الاجتماعات..
مواقف مكررة في رتابة قاتلة.. وشعارات فقدت وهج اللحظة الحية لأنها محفوظة مكررة وميتة..
اعتقد انني نقابي أفخر بالانتماء للمنظمة وهذا الانتماء دفعني دفعا إلى القول إن الاتحاد ككل المؤسسات والمنظمات والجمعيات يحتاج إلى روح مسكونة بنبض الثورة ووعي اللحظة..
انفعالية القيادات النقابية تورطها وذلك الالتجاء السريع ساعة المواجهة إلى المعبد يخفي هاجسا داخليا يكاد يكشف صاحبه..
الطقوسية النقابية لا تمنح الغفران الأبدي ولا وثنية مع الثورة أو الفكر الحر ولا صنمية مع عقل أو رأي..

منذ 2008 عشت داخل هذا الهيكل عاشقا متورعا أدعي صفاء العمل وكنت أؤمن إيمان العجائز بضرورة العمل النقابي الخالص.
في المؤتمرات رأيت ما لا عين رأت وسمعت ما لا عين سمعت ولا خطر على بال بشر..
في المؤتمرات كهان يتلون تعويذات الكهانة ومريدون لمذاهبهم وشعاراتهم.
في المؤتمرات ملل ونحل ومذاهب شتى وأسماء سميناها وألقاب أطلقناها لو بلغت حشاد لأنكرها في مقام البرزخ ولتعوذ من متبعيها ودعاتها ومناصريها وكتابها.
السياسة قتلت الطاقات الحرة في الاتحاد ومنعت العقول المبدعة من القواعد والمنخرطين من الصعود إلى هياكله وهيئاته حيث تصاغ المؤتمرات في مقرات الأحزاب..
تحالفات نقابية هي غطاء لتحالفات حزبية ولكل حساب وكل بحسابه..

على قيادات الاتحاد الدعوة إلى المحاسبة كمبدأ عام يشمل الكل ويسري على الكل بلا استثناء وبلا إقصاء..
في مجالسنا النقابية نطرح كثيرا من مخاوف وهواجس ونردد بصدق ذلك الشعار الذي طالما رددتها القيادات النقابية تلميحا وتعريضا وإشارة موحية لخصوم السياسة الذين ولجوا المنظمة على كره من ساكنيها القدامي. “إن القلاع تؤخذ من الداخل”.
قلعة حشاد قد يخونها ساكنوها ومن رفعوا الصوت عاليا تشبيها وتلبيسا فيظن السامع الغافل أن أسدا من أسود النضال يفتي في شأن عظيم..
محاسبة الفاسدين من النقابيين أول أبواب التحصين والشفافية في المعاملات المالية أشد أشكال الدفاع على المنظمة والبحث عن خيارات مبدعة تصرف فيها المنظمة طاقات المنتمين إليها تأكيد للحضور والمشاركة في البناء الاجتماعي والاقتصادي والسياسي عبر المؤسسات تحقيق فعلي للشعارات..
أنا ابن لهذه المنظمة وساكن لهذه الخيمة ومواطن تونسي أفكر وفق قناعاتي وأكتب حرا لا وصاية على قلمي أفول ما أراه صوابا لا تجريح ولا تعريض ولا تشويه..
أعلم ما به أسعد وأعلم كذلك ما به أشقى.. ولو حدثت لقال كهنة المعبد لقد صبأ المولدي..

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock