تدوينات تونسية

على هامش انتخاب رئيس البرلمان

نور الدين العويديدي

انتخب الشعب التونسي أحزابا أعطى كل واحد منها حجما بقدر ثقته فيها.. وتراوح منسوب الثقة بين الاحزاب بين متوسطة وصغيرة وصغيرة جدا ومعدومة.
واستبشر الكثير من الناس ومنهم العبد الضعيف بتراجع النظام القديم بل تشتته وتقدم ما يسمى الصف الثوري.. وتوقعنا ان تسود العقلانية والرغبة في خدمة الوطن وأن تتحالف مكونات ما يسمى الصف الثوري وتتشكل حكومة قوية قادرة همها الإنجاز الاقتصادي ومحاربة الفساد وتحقيق هموم الناس.. لكن الجميع فوجؤوا بأن خطاب الثورية العالي لا تتساوق معه الممارسات الواقعية.

قبل الإعلان الرسمي على النتائج أعلن حزبان يتسمان بعلو الحنجرة وكثرة الضجيج الثوري عن التخندق في صف المعارضة.. تراجع التيار عن موقفه المتسرع ودخل في سلسلة من الشروط التعجيزية:

  • ليس من حق النهضة ترأس الحكومة.
  • ليس من حق النهضة ترأس البرلمان.
  • ليس من حق النهضة تولي وزارات السيادة.. مثل العدل والداخلية.
  • النهضة فاسدة وعليها ان تثبت عدم فسادها بتمكين التيار من رقبتها.

أما حركة الشعب فذهبت أبعد.. ليس من حق النهضة جملة وتفصيلا تشكيل الحكومة.. الرئيس هو من يشكلها.. وأظهرت حركة الشعب طفولية سياسية عالية المنسوب.. فلم يكن همها البحث عن سبل تشكيل حكومة تخدم الناس.. كان همها أن تجعل صورة جمال عبد الناصر فوق رأس راشد الغنوشي.
رغم ذلك صبرت النهضة وصابرت.. وزارت الحزين في مكاتبهما وحاولت مرة وثانية وأكثر للوصول إلى اتفاق لتشكيل حكومة مع الحزبين.. لكنها قوبلت بالرفض في كل مرة.. أشهدت التونسيين على سعيها المخلص للتحالف معهما.. واشهدت التونسيين على طفولية وعنحهية وتكبر الحزبين الثالث والسادس ومطالبهما التعجيزية وكأن النهضة هي الحزب السادس وليست الحزب الأول.

ما تحقق واقعيا بعد جولات المفاوضات:
• خرجت النهضة بصف موحد بعد أن راهن التيار وحركة الشعب على ضربها في وحدة صفها.. فابناء النهضة رأوا بأعينهم درجة الكبر والحقد التي ظهرت في المفاوضات وحجم الرغبة المجنونة لدى التيار وحركة الشعب في حرمان النهضة من أي منصب مهم في الدولة، وكأن النهضاوي طاعون يجب إبعاده عن مؤسسات الدولة.. وهنا تماسك صف النهضة في مواجهة عقلية تسلطية استئصالية مغلفة وناعمة ولكنها ظاهرة ومكشوفة.

• ظهر الحزبان كحزبين طفوليين بلا برنامج للحكم وبلا رغبة في بذل الجهد وتحمل أعباء الحكم.. ظهرا كحزبين همهما الكيد للنهضة وليس خدمة البلاد.. ولعب صبر النهضة ومساعيها المتكررة للتواصل مع الحزبين وبحثها المضني عن الوصول إلى حل معهما، ليؤكد لكل متابع صدقها في الرغبة في التحالف من طرفها وحرص الآخرين على رفض التنازل لها ولو لذرة والاكتفاء بسعيهما لحشرها في الزاوية.. تمسكا بالموقف الأول ورفضا التزحزح عنه قيد شعرة.. فأدرك الناس عدم رغبتهما في تحمل أعباء النهوض بالبلاد.. وأن كل همهما الركشة في المعارضة.. معارضة المزايدة والصوت العالي والضجيج.. تماما مثل ضجيج عبير يوم القسم.

الحل ان تمسك النهضة الحكم بقوة وان تنسق كل خطواتها مع رئيس الدولة ليكون عونها الرئيس على محاربة الفساد وتنقية البلاد منه.. الإنجاز هو الفيصل والباقي تفاصيل يأكلها الزمن. وينهيها.

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock