مقالات

ظاهرة النائب المنتخب كمال الحمزاوي عن القصرين : ملك رقصة البطن بين البرلمان والبلدية

عبد السلام الككلي – علي الجوابي

اتضح اثر اعلان هيئة الانتخابات عن النتائج النهائية لتشريعية سنة 2019 فوز محمد كمال الحمزاوي مرشح حزب «تحيا تونس» بمقعد في دائرة القصرين وقد تقرّر عقد الجلسة الافتتاحية للمجلس المنتخب يوم الأربعاء 13 نوفمبر الجاري ووجّهت الدعوة للنواب المنتخبين لحضور الجلسة التي ستتضمن وجوبا اليمين ليصبحوا رسميا نوابا.

قد يكون الخبر عاديا لا يسترعي الانتباه فيما يخصّ فوز أحد المترشّحين للتشريعية بمقعد في مجلس نوّاب الشّعب لولا أنّ الفائز المذكور هو عضو في مجلس بلدية القصرين ورئيسها وبالإعلان عن النتائج النهائية وبعد أدائه اليمين الدستورية سيجمع في شخصه صفتين نيابيتين يمنع الجمع بينهما بموجب القانون الانتخابي والقانون المتعلق بالجماعات المحلية. وهاتان الصفتان هما العضوية في مجلس نواب الشعب والعضوية في مجالس الجماعات المحلية المنتخبة ويمنع الدستور أيضا هذا الجمع ا إذ يحيل في الفصل 55 منه على القانون الانتخابي فيما يتعلّق بانتخاب أعضاء مجلس نواب الشعب.

محمد كمال الحمزاوي بوصفه عضوا في مجلس بلدي تنطبق عليه حاليا الفقرة الثانية من الفصل 206 من القانون الأساسي المتعلّق بالجماعات المحلّية التي تنصّ على أنّ كلّ عضو «تنطبق عليه حالة من حالات عدم الجمع وفق أحكام القانون الانتخابي يفقد عضويته بالمجلس بمقتضى القانون ويصرّح المجلس البلدي بذلك خلال أوّل اجتماع له» لذلك بعد الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات وفوز محمد كمال الحمزاوي بمقعد في مجلس نواب الشعب فان المجلس البلدي بالقصرين مطالب بتطبيق أحكام هذه الفقرة والتصريح بفقدان محمد كمال الحمزاوي العضوية فيه اذا ما أقسم النائب في جلسة 13 نوفمبر الافتتاحية فصار بذلك عضوا في المجلس.

تحيل الفقرة الثانية من الفصل 206 على القانون الانتخابي وخاصة على الفصلين 35 و 38 منه اللذين بدورهما يمنعان الجمع بين هاتين الصفتين ويرتّبان استقالة النائب من المجلس بقوة القانون إذا لم يقدم استقالته في أجل محدد اذا فاما الاستقالة من المجلس النيابي او الاستقالة من المجلس البلدي.

متعوّدة !

وقد سبق لمحمد كمال الحمزاوي الجمع بين هاتين الصفتين اثر الانتخابات البلدية لسنة 2018 فقد فاز فيها بعضوية في مجلس بلدية القصرين بينما كان في ذلك الحين نائبا في مجلس نواب الشعب عن حزب «نداء تونس» وحاليا يعود الى مجلس النواب الشعب مرشّحا عن حزب «تحيا تونس» بينما هو عضو في بلدية القصرين ورئيسها وقد انطبقت عليه حينها احكام القانون الانتخابي الذي أحالت عليه الفقرة الثانية من الفصل 206 سالفة الذكر.

وقد كانت المنظّمة غير الحكومية «البوصلة» أفادت بأنّها وجّهت رسالة الى رئيس مجلس نوّاب الشّعب تطلب فيها منه تطبيق القانون فيما يخصّ وضعية النائب محمد كمال الحمزاوي التي تمثّل خرقا للقانون الانتخابي الذي يمنع الجمع بين عضوية مجلس نوّاب الشّعب وعضوية مجلس محليّ منتخب.

ويبدو أنّ محمد كمال الحمزاوي لم يستقل من عضوية مجلس نواب الشعب فقد عاين مكتب المجلس المنعقد يوم الخميس 26 جويلية 2018 الشّغور في مقعد بمجلس نوّاب الشّعب لتعويض السّيد كمال الحمزاوي النائب عن دائرة القصرين باعتباره مستقيلا آليا على معنى الفصل 38 المذكور أعلاه.

لقد كان محمد كمال الحمزاوي عضوا في المجلس التشريعي عندما صادق خلال العام الجاري على القانون المتعلق بالجماعات المحلية ومن المفروض أن له علما بمقتضيات هذا القانون كما يفترض تبعا لصفته النيابية علمه بأحكام القانون الأساسي المتعلّق بالانتخابات والاستفتاء والذي على أساسه قدّم ملفّه قصد الترشّح لعضوية مجلس نوّاب الشّعب.

مارس الحمزاوي السياحة الحزبية بين «نداء تونس» و «تحيا تونس» وتحولت السياحة عنده الى رقص محترف بين المجلس البلدي والمجلس النيابي بمباركة من هاذين الحزبين فأي المجلسين يختار هذه المرّة؟ أم أنّ الاختيار بيد الحزب الذي رشحه ؟

نلاحظ في مثل هذا الموضوع انّ الإشكال لا يكمن في النصّ القانوني فحسب وإنّما أيضا في مدى استعداد المسؤولين عن الشّأن العام وخاصة القيادات الحزبية لاحترام الترشحات للبرلمان بل احترام إرادة الشعب الذي صوت لقائمة تحيا تونس.

فلماذا يقدّم حزب تحيا تونس في قائمة مرشّحيه شخصا يدخل في طائلة منع الجمع ؟ وفهل غاب عن مسؤولي حزب تحيا تونس أن مرشحهم المذكور هو عضو في مجلس بلدية القصرين ورئيسها.

» أنا وحزبي والزمن طويل «

ومن غير المستبعد أن يكون هذا السلوك حيلة يمارسها النائب ومعه حزبه من أجل ضمان مقعد لحزب »تحيا تونس» في المجلس. فحظوظ قائمة هذا الحزب في الفوز بمقعد في المجلس النيابي قد تبدو أوفر حين يكون الحمزاوي رأس القائمة نظرا »لوجاهته» ونفوذه في منطقة القصرين. وهكذا يمكنه بعد الفوز الاستقالة من المجلس النيابي والبقاء في المسؤولية البلدية كما فعل سابقا ويؤول مقعده بطبيعة الحال الى من يليه في قائمة تحيا تونس عن منطقة القصرين بحسب ما يقرره القانون. وهكذا يفوز بالمقعد لا ليكون عضوا بل ليتركه لغيره من حزبه.. فيضمن هكذا عضويته بالبلدية وعضوية مرشح آخر في حزبه في مجلس النواب «..انا وحزبي والزمن طويل !»

أي تحيل على القانون وأي استخفاف بمجلس نواب الشعب إذا صدق توقعنا وهو غير مستبعد نظرا لسوابق الرجل في هذا النوع من الرقص المحترف. اليس من الأفضل أن يشترط القانون الاستقالة من المجلس البلدي قبل الترشح الى مجلس نواب الشعب مادام عدم اشتراط الاستقالة الماقبلية صار مدخلا إلى التلاعب والتحيل بحسب ما نتوقعه من سلوك الحمزاوي الراقص المحترف ؟

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock