لا تسكبوا الزيت على النار يا أبناء “الشعب بريد”
منذر بوهدي
يعلم الجميع أن الأوضاع التي يبحث فيها المعنيون بتشكيل الحكومة والاتفاقات الأخرى المرتبطة بها عن الذهاب إلى الاستقرار المنشود مستقبلا، دقيقة للغاية، وأن المرحلة معقدة ومركبة، وأحسب أن الجميع مدرك جيدا لذلك، ولا ادل على ذلك من تدوينة القيادي في حركة النهضة عبد الطيف المكي حول الضغوط الخارجية والداخلية وتسريبات أخرى من كواليس الفعل السياسي في تونس تشير إلى انه هناك محاولات جديّة لطعن الثورة مجددا وإفراغ حدث “ثورةً الصناديق” من مضامينه وعنفوانه البناء وترذيل حالة الوعي الجديد بضرورة التغيير والضرب بأيدي من حديد على الفساد والفقر حتى تخرج بلادنا من حالة الشلل الاقتصادي وتجاوز الاجترار المتواصل منذ تسع سنوات لنفس السياسات والآليات العقيمة والتي أوصلت البلاد ذات سبعطاش إلى قيام ثورة الكرامة المجيدة.
إن الهدف الأساسي من التفاوض والنقاش بين الأحزاب هو البحث عن مفردات الالتقاء حول مشترك جامع لتشكيل حكومة وطنية ضمن مخطط شامل ومتكامل لبرنامج حكم مشترك، وبالطبع هذا يكفل لكل حزب تفرده بخطّه السياسي وخياراته الاقتصادية والاجتماعية التي يؤمن بها، ولا يمكن لأي طرف فرضها جميعها على بقية الشركاء وتبنى الرؤية المشتركة عموما وفق الأحجام التي تحصل عليها كل حزب أو طرف في الانتخابات أساسا وللاعتبارات الموضوعية الأخرى التي يمكن أن تفرض نفسها على غرار حالة الوعي التي تكتسح البلاد والتي تفرض نبضا موجها لمضمون الحكومة المقبلة ورمزيتها وأخذا بعين الاعتبار للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة للغاية التي تعيشها تونس منذ خمس سنوات خصوصا وفي هذا السباق يصبح الاختلاف أمر بديهي بين الأحزاب المعنية بالمشاركة من حيث المرجعيات الفكرية والأيديولوجية والمواقف والرؤى عموما.
ويمكن بشكل أو بآخر اعتبار ما عبرت عنه القيادية في التيار الدمقراطي سامية عبو أنه حالة دفاع غير مبررة لإبراز اختلاف التيار عن الكرامة وهو أمر لم تفلح في تبريره دون إحداث لبس لا ضرورة لإقحامه ضمن مسار التفاوض لأن إئتلاف الكرامة يعبر عن مواقفه بكل وضوح ودون مواربة وهو حالة وعي وتغيير وجب التعاطي معها بمضمون مختلف عن منطق المتهم الذي يجب أن يثبت براءته بقدر ما هو تعبيرة مجتمعية ناصعة تشرف كل شريف وفق تصريحاته المعلنة. ومن هنا يمكن وضمن خانة التفاوض تحت سيف الاختلاف اعتبار أن ينحصر التباين مع ائتلاف الكرامة في إبراز مواطن قوة التيار الديمقراطي وليس استهداف إضافي للكرامة او لأي طرف كان من شركاء محتملين…
وكذلك الشأن للرد “الغاضب” من صديقنا عبد اللطيف علوي المعروف بالرصانة والحكمة أو هذه الصورة التي تشكلت منذ بروزه كمتحدث باسم ائتلاف الكرامة والذي يبدو أنه قد استنفذ منسوب الصبر والتعقل لديه وأرسل بلومه وعتابه لما بدا له تعالي وتجاوز لحدود اللباقة بين المتحاورين علنا…
يبدو المشهد متشنج ومتوتر بين الجميع بفعل التهجم والتهجم المضاد من هنا وهناك والذي لا يفيد في فسح المجال لنقاش هادئ وبناء ومركز على أمهات القضايا المطروحة بالبلاد وهو المطلوب بشدة في قادم الأيام.
واما اذا كان ثمة ضرورة للافتراق بين الشركاء المحتملين للمرحلة الحالية في تاريخ تونس لأي اعتبارات كانت، يحبذ أن تكون بالتراضي والتفهم ببن الجميع كي لا يصادر المستقبل أيضا وهو ملك للشباب وحده لا غير…