ما هكذا تورد الإبل.. إلى متى ستظل النهضة “غفاصة” ؟
أبو يعرب المرزوقي
منذ اليوم الثاني لوفاة السبسي كتبت نصا بينت فيه أن كل حسابات قيادات النهضة سقطت في الماء. وقبل ذلك لما لعبت لعبة الشاهد بينت أن ذلك انتحار أكيد. فلا يوجد أحد له ذرة من عقل يغذي سبعا لأكله إلا إذا كان أحمق. ذلك أن ما كان ينقص السبسي ليتعامل مع النهضة ليس الصلح مع الإسلاميين بل كان ذلك لعلتين:
- كانت سنه لا تمكنه من الدخول في معركة يعلم أنها ستكون أطول من التي خاضها بورقيبة ثم ابن علي وخسراها حتى وإن كان الظرف الإقليمي والدولي الحالي أكثر اهتماما بالقضاء على الإسلام السياسي.
- وكان خوفه من امتداد ايدي اليسار والقوميين إلى ما حاولوه مع بورقيبة في أواخر حياته بالاستناد إلى قوة الاتحاد لافتكاك الحكم وكان ذلك علة أحداث 78 وشبه أفول نجم النظام البورقيبي الذي كان قد تآكلت شرعيته بعد نكبة التعاضد.
لكن الشاهد صغير السن وكان بحاجة إلى خوض المعركة مع الإسلاميين بعد أن يؤسس قوة سياسية تكون نواة لتحقيق ذلك ثم الاستفادة من السند الإقليمي والعالمي في حرب يمكنه ربحها وتجميع ما يسميه بالقوة السياسية الوسطية والديموقراطية. وقد كان نوعا ثانيا من نظام ابن علي.
لذلك نصحت بعد وفاة السبسي بالتخلي عن النهم المرضي للحكم والعودة إلى القواعد لبناء قوة سياسية حديثة تستعد لمعركة ستكون فيها وحيدة ضد الكل لأن اليساريين والقوميين وحتى من ينافسون الشاهد -“حزب البسكلات” على نفس الأفكار والناخبين- يريدون التجمع للقضاء على الإسلام السياسي وعلى قاعدته الثابتة.
وما حدث فجأة من صعود حزب الملالي والشيوعيين الذين يزعمون استئناف الثورة بالشكل الجامع بين محدثي السوفياتيات والقذافيات أداتين للتخريب الصفوي فإنه قد يفسد على الجميع خططه بحيث إن النهضة أيضا تكون قد خططت للانتحار بعدم فهم ما بدأ يتسرب إلى صفها من اختراق تابع للصفوية يجتمع فيه القومي المتخلف والشيوعي الأكثر تخلفا والحمقى من المتكلمين على الطهرية والقانونية سواء كان للدولة أو للمجتمع كل هؤلاء هم جمهروش للقضاء على ما تبقى من الدولة باسم التخريف والهذيان اللذين لن يصارعا المافيا بل سيخلقون أفضل فضاء وافضل مناخ لكل المافيات التي من جنس ما يعيش عليه حزب الله وكل مليشيات إيران لاسترداد امبراطورية فارس. وهذا لا يضر بإسرائيل لأنها بمثلها سيطرت على العالم كله فالصفوية خريجة المدرسة الصهيونية.
المشكل كله هو الهوس النهضاوي للحكم
ثقوا أنكم لن تحكموا بعد اليوم وخاصة إذا لم تتحرروا من هذا الهوس وتعودوا للبناء الفعلي لحزب ثابت الاركان متحررا من الاختراق والتخريف من فوق ومن تحت.
وأخيرا فما قدمتوه لا يسمى برنامجا لعمل سياسي. هو وعود عامة لا معنى لها سياسيا لأن البرامج لها شرطان إيجابيان وشرطان سالبان وأصل يوحد بينها وكلها مفقودة في ما رأيت من برنامج مزعوم:
الشرطان الموجبان:
- لا معنى لبرنامج بلا رزنامة زمانية خلال الدورة النيابية.
- وبلا تقدير دقيق لكلفته ومصادر تمويله.
الشرطان السالبان:
- تحديد العقبات التي ينبغي تذليلها وبيان القدرة على ذلك.
- الخطة “ب” في حالة فشل الخطة “أ” لكل محور من محاور البرنامج.
والأصل المعدوم:
هو أمر هدفه مضاعف:
- الأول هو تمتين القاعدة التي تعتمد عليها القوة السياسية التي ستحكم.
- والثاني هو بيان العلاقة بين دور الحزب وحاجات الوطن الفعلية التي لا تجعل الحزب يتحول إلى غاية بدلا من أن يكون أداة لخدمة الجماعة.
وأول علامات ذلك ألا تكون القيادة محيطة لنفسها بالطبالين بدلا من الكفاءات التي تضفي المصداقية على البرنامج لئلا يكون مجرد وعود في الهواء.