حركة الشّعب: أولى بكم أن تبدّدوا مخاوف غيركم ؟
صالح التيزاوي
نحت حركة الشّعب منحى التّيّار في الإشتراط التّعجيزي للإنضمام إلى حكومة يقودها الحزب الأوّل في الإنتخابات (ولن نقول الحزب الفائز). لئن اشترط عبّو حصوله قبل الجلوس إلى الحوار على وزارات كان يطالب بمستقلّين على رأسها، مفترضا أنّه الأقدار على تسييرها ومتجاهلا خيارات أخرى أجدى وأنفع.. فإن حركة الشّعب على لسان “كبيرها” سالم لبيض اشترطت حكومة يشكّلها قيس سعيد.
ونحى نحوه زهير المغزاوي. فإن كان التيّار قفز على نتائج الإنتخابات وأعطى لنفسه ما لم يعطه له الشّعب، فإنّ حركة الشّعب قفزت على دستور البلاد وعلى نتائج الإنتخابات وعرّضت الحياة الحزبيّة المخرّبة أصلا إلى مزيد من التّخريب، طرح مخاتل يتعلّل بالتّفويض الشّعبي الممنوح لقيس سعيّد، وفي واقع الأمر، ليس سوى قطع للطّريق على الحزب الأوّل وتجريده من حقّ دستوري..!!
خالد الكريشي القادم من هيئة الحقيقة والكرامة والصّاعد حديثا إلى البرلمان، زاد على طرح لبيض والمغزاوي، سرديّة باتت أصلا تجاريّا عند أدعياء الحداثة القسريّة والقشريّة.. وأعرب عن جملة من المخاوف هي أقرب إلى التّضليل وتزوير الوعي من مخاوف حقيقيٍة.. فالجهاز السّرّي والإغتيالات السّياسيّة من أنظار القضاء وحده، وأمّا الخوف على مكاسب المرأة ومدنيّة الدّولة والمسار الدٍيمقراطي، وتسفير الشّباب فهذه “علكة” أولى بكم أن تتخلّصوا منها قبل أن يصيبكم ما أَصاب الجبهة وما أصاب الشّابّي من قبلها وهي كلّها من باب التّخوين والتّخويف..
في مسألة تسفير الشّباب: من سفّر الشّباب العربي والمسلم إلى أفغانستان؟ ومن سفَرهم إلى حرب البوسنة والهرسك؟
ومن سفّرهم إلى العراق؟ ومن سفّر كتيبة “محمد البراهيمي” لتشترك مع بشّار في قتل وإبادة الشّعب السّوري؟ فهل سفّرتهم حكومة الترويكا ؟ بل من سفّر كل جحافل الإرهاب والقتلة من البلاد الأوروبّيّة إلى سوريا؟ كلّ العقلاء يدركون أنّ ذلك يتمّ عن طريق شبكات التّواصل، إلّا من أصيب بالعمى الأيديولوجي.
في مسألة حقوق المرأة: لا المرأة التّونسيّة، ولا المجتمع المدني ولا دستور البلاد يسمح بالتّراجع عنها ولو قيد أنملة، ومنتهى المغالطة أن تشيروا تلميحا وتصريحا للنّهضة، فالمرأة في هذا الحزب أكثر تمثيليّة وحضورا في هياكل الحزب وفي البرلمان. لقد اشترط أدعياء الحداثة التّناصف للإختبار، وكشفت الإنتخابات عن أوهام لا توجد إلّا في أذهان أصحابها.
في مسألة مدنيّة الدّولة والحرّيات والدّيمقراطيّة: أحسب أنّكم الأولى بتبديد مخاوف شركائكم في المواطنة!! فمن يخشى حقّا على مدنيّة الدّولة لا يؤيّد مليشيات دمويّة تقاتل مع بشّار، وجعلتم من دجّالها الأكبر سيّدا “السّيّد حسن نصر اللّه” واكتشف الصّافي سعيد في نظام الملالي والآيات أنّهم آل البيت الحقيقيّين، وأنّهم الأولى بقيادة العالم الإسلامي مهما احتلّوا من عواصم عربيّة. بماذا أنتم عروبيّون؟ هل بصراخ يندى له الكذب؟ تخشون على مدنيّة الدّولة وأنتم معشر القوميين مع الدّيمقراطيّة في تونس وضدّها في سوريا وفي مصر وفي ليبيا..
كيف نصدّقكم ؟ وأنتم مع الثّورة في تونس وضدّها في سوريا.. بل كيف تعتبرون بن علي ومبارك وعلى عبد اللّه صالح مستبدّبن وظلمة وتحجّون إلى بشّار لتحتفلوا معهم بالنّصر على أكوام الخراب وجثث الأطفال وتحت حراسة الغزاة من الرّوس ومن نظام الآيات والملالي؟!
وكيف نأمنكم على الحرّيّة؟ وعقولكم مازالت مشدودة إلى التّجارب الإنقلابيّة في الوطن العربي منذ عبد النّاصر والقذّافي وقد فشلت كل التّجارب القومجيّة في تحرير شبر واحد من الأراضي المحتلّة وفي قطع ميل واحد على طريق وحدة لم ولن تأتي على ظهر دبّابة لحست عقولكم.
توبوا إلى الحرّيّة يرحمكم اللّه واستقيموا معها تستقيم لكم ولا تبغوها عوجا… فحتّى متى تبقون أسرى لتجارب أثبت التّاريخ والجغرافيا فشلها في معركتي الحرّيّة والتّحرّر؟!
ولا تكونوا كالمنبتّ لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى..