توفيق رمضان
جاء في الأثر أن من أحسن الدعاء هو ربنا اجعل خير أعمالنا خواتمها، استحضرت ذلك وأنا أتابع بعض المواقف من الدور الثاني للانتخابات الرئاسية، من أشخاص أو مناضلين كنا نكن لهم كل الاحترام، كنا نراهم قامات في بلدنا لأنهم قالوا لا في وجه من قالوا نعم، ناضلوا ضد منظومة الاستبداد، واجهوا غطرسة «رافع التحديات» وزبانيته إلا أنهم انحرفوا في المنعرج الأخير.
نجيب الشابي الحقوقي والمناضل السياسي له حسنة في رقابنا ألا وهي جريدة الموقف التي كنا نبتاعها سرا فنقرأ فيها مالا نجده في غيرها، نرى فيها حقيقتنا وعورتنا التي يسعى «حامي الحمى والدين» لسترها بورقات من صحافة صفراء تكتب فيها أقلام المؤلفة قلوبهم من أشباه الصحفيين «جريديّة» أو «حاجيّة». نجيب الشابي الذي شكل مع المرحومة الخالدة مي الجريبي «دويتو» أرهب النظام وساهم في هز عرشه ولازلت أذكر كلمات مي الجريبي ذات 14 جانفي في شارع الحبيب بورقيبة، الشابي الذي كان أحد المشاركين في ذات اضراب جوع صحبة بعض المناضلين كذلك ميثاق 18 أكتوبر الشهير، هذا الشابي لم يعد نجيبا، هاهو اليوم يدعو للتصويت لنبيل القروي في قفزة أخيرة للقاع السحيق بعد نكسات سابقة منذ ثماني سنوات.
زهير مخلوف المناضل الذي تم اختياره كعضو في هيئة الحقيقة والكرامة ثم خرج منها وقلنا ربما له بعض الوجاهة والتاريخ كفيل بالحقائق لكن في خطوة مفاجئة نراه ينضم لقافلة عبّاد «المقرونة» ويصف القروي بما لا أجرؤ حتى على كتابته مستلهما ذلك من القاموس «الطوبالي».
حمة الهمامي وعلى امتداد عقود من الزمن وهو يناضل ضد «السيستام» ابتدأها وهو في الجامعة فسجن في العهد البورقيبي و«العهد الجديد النوفمبري» ويحسب له أنه رفض الامضاء على ميثاق السابع من نوفمبر لأن لا ثقة له في «صانع التغيير» فعاني التضييقات والملاحقات وعرف السرية ولحق بزوجته راضية النصراوي الحقوقية الصلبة والمناضلة الشرسة مالا تحتمله الرجال، لكن نجده اليوم من أبرز المساهمين في الوصول الى حالة الموت السريري لجبهة أرادها البعض جامعة لتحقيق توازن منشود وحفاظا على تعبيرة وتوجه فكري لازم وجوده في هذا البلد وربما يلامس السلطة يوما، حمة يدعو أنصاره على قلتهم إلى مقاطعة الانتخابات دون تلك العبارة التي استعملها في 2014 قطع الطريق، فكأني أراه يستبسل من أجل الاندثار ومن أجل أن يكون نسيا منسيا.
توفيق بن بريك الذي اعجبنا بلسانه السليط ورأينا فيه ذلك الصعلوك حفيد عروة ابن الورد الذي يفتك من «الكمبرادور» ليعطي «البروليتاريا»، توفيق بن بريك الذي بشرنا بسنوات حمر دم، سود كحل في فترة حكم الباجي، توفيق بن بريك الروائي المثقف رغم أنه ابن النسمة الكافية نراه يرتمي في أحضان النسمة «المقرونية» فيصبح بوقها، مبيضا لها ومبشرا بها لتكون سقطة ويلتحق بقافلة الاقلام الزاحفة على بطونها في زريبة جاهل عدو للثقافة رصيده مليارات معدودات.
شخصيات نالت احترامنا يوما لكنها سقطت في اللحظة الحاسمة فكيف قبضتم على الجمر يوما ؟
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.