تدوينات تونسية

الآلة الاجتماعية لمّا اشتغلت أنتجت المشهد السياسي الحالي…

عايدة بن كريّم

تلك الآلة هندسها بورقيبة وركّب لها أجهزة هيمن عليها اليسار اليبرالي أو ما يُسمّى بـ”الحداثيين” و”العصريين” و”المُثقّفين”.
المدرسة والجامعة والثقافة والإعلام… أجهزة هندست أشكال الممارسات ومضامينها…
ستين سنة والآلة مُعطّلة (منحين لها البريز) والأجهزة تشتغل وتتوهّم أنّها تدوّر في تلك الآلة… ستين سنة و”النخبة” التي تُهندس في كلّ شيء (اللا-شيء) تُوهم في العالم أنّ الآلة الاجتماعية أنتجت “وضعية تونسية” مواصفاتها: عصفور السطح وصمت القصور وفكرة سامي الفهري ونهار الأحد ما يهمّك في حدّ ووجيهة الجندوبي (رمز للثقافة) وجميلة الشيحي (أيقونة المسرح) ومحمد الطالبي فيلسوف الأمة التونسية وأولاد أحمد شاعرها والمزغني مُتحدّث باسم المُبدعين وألفة يوسف أنموذج المرأة الحرة وعياض بن عاشور الصانع الوحيد للقانون الدستوري. وأنّ نساء ديمقراطيات صوت المرأة المقهورة والمناصفة مكسب حداثي والمساواة قضية مركزية لدى الشعب التونسي العظيم…
ستّين سنة والآلة معطّلة والأجهزة تدور كطواحين هواء…
الثورة عطّلت الأجهزة فاشتغلت الآلة الاجتماعية بموطور “الشعب يُريد”… تلك الآلة خرّجت التصورات المكتومة للمجتمع… سيف الدين مخلوف والجوادي والعفاس ودغيج وماهر زيد والجزيري وغيرهم من الخارجين على الوضعية المُتوهّمة للتونسيين أنتجتهم آلة اجتماعية بقيت مُعطّلة ستين سنة ولمّا اشتغلت فرمت المُهندسين…
آلة تحرّكت في اتجاه مُعاكس لدوران الأجهزة فكانت اللطخة الذي تلاها الزلزال…

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock