أيام فارقة… فقط للتفكير !
حمادي الرحماني
الحياة السياسية كانت في حاجة إلى لحظة فارقة يتغير فيها روتين الوضع المستمر على حاله منذ سنوات… ولم توجد اللحظة لأن الفاعلين ظلوا نفسهم، والمعطيات على الأرض ظلت هي نفسها…
اليوم مات قيدوم السياسيين وجامع الكثيرين السبسي رحمه الله، وتغير الناخبون، وتلاشى الإعلام العقيم، وانقرض كثير من السياسيين، وتبدلت أحوال كثير من الفاعلين، وتغيرت أحجام الكثيرين، وظهرت قوى أخرى فاعلة ومختلفة كما ونوعا وعزما… وسيأتي رئيس جديد يفتح الأفق الجديد…
بقي على كل تلك القوى أن تنتبه للواقع الجديد، وأن تغير تماما طريقة تفكيرها وتزيل العلامات المضللة التي كانت تحكمها بالعدوانية والخصومة والاستقطاب والحذر والدفاع والانتظار… لترى جيدا الميدان الرحب الجديد…
ربما تكتشف تلك القوى أن سقف الفعل صار أعلى، وأن قدرة المنظومة الاستبدادية وحلفائها على الجذب إلى الخلف والتعطيل قد تراجعت كثيرا… وربما هزلت… وأن حجم المعادين للثورة والديمقراطية في البرلمان ضئيل… وأن إمكانات التحالف والبناء أوسع بكثير… وأن الزخم الثوري المدعوم بالشرعية الانتخابية للقوى الفائزة والرئيس يسمح باقتحام جديد وتأسيس جديد…
هذه الأيام يمكن أن تكون فارقة، وهي أيام تأمل وتفكير وتدبر وتخطيط وفق الواقع الجديد ودون الأدوات القديمة…
على السياسيين والأحزاب المحترمة جميعا ألا تتعجل بالمواقف والالتزامات والتفاعل على ضوء الميكانيزمات القديمة وإن كانت مبنية على القيم والمبادئ…
القوى السياسية اليوم تحتاج خيالا أوسع، بل تحتاج مسح منظومة الأفكار والرؤى المسبقة التي تستهلكها وتستعملها في الواقع القديم… وقد يكون تغير…
الميدان خصب والقوى الكامنة، والمتعددة، والمتنوعة… تبحث عن عقل جديد.
فكروا… فالتفكير بلاش!