تدوينات تونسية

دستوريّا.. حزب نبيل القروي قد لا يكوّن الحكومة حتّى ولو فاز بالمرتبة الأولى في الإنتخابات التشريعيّة..!!

عبد اللّطيف درباله

حتّى ولو أصبح حزب قلب تونس هو الأوّل في الإنتخابات التشريعيّة.. فإنّ تكوينه للحكومة ليس قدرا.. وليس متأكّدا..!!
فالأهمّ دستورا وقانونا وواقعا.. ربّما ليس من يأتي الأوّل في نتائج الإنتخابات التشريعيّة.. وإنّما من يمكنه أن يملك أو يضمن دعم 109 نائب بالبرلمان لحكومته..!!
فحتّى لو افترضنا أنّ حزب نبيل القروي فاز بالمرتبة الأولى.. فإنّ التقديرات تؤكّد بأنّه لن يفوز إلاّ بأقلّ من ثلث مقاعد مجلس النواب في أقصى الحالات.. هذا إن حقّق نجاحا باهرا.!
ويعني ذلك أنّ قلب تونس سيكون في حاجة إلى تكوين إئتلاف حاكم مع أحزاب وكتل أخرى.. وربّما ضمّ مستقليّن إليه.. لضمان توفير النصاب القانوني البالغ النّصف زائد واحد..
فإذا فشل حزب قلب تونس في توفير 109 مقاعد.. فإنّ الدّستور في فصله 89 ينصّ على أنّه “في أجل أسبوع من الإعلان عن النتائج النهائيّة للإنتخابات، يكلّف رئيس الجمهوريّة، مرشّح الحزب أو الإئتلاف الإنتخابي المتحصّل على أكبر عدد من المقاعد بمجلس نواب الشعب، بتكوين الحكومة خلال شهر يجدّد مرّة واحدة.”..
ويضيف نفس الفصل في فقرته الموالية بأنّه “عند تجاوز الأجل المحدّد دون تكوين الحكومة، أو في حالة عدم الحصول على ثقة مجلس نواب الشعب، يقوم رئيس الجمهوريّة في أجل عشرة أيّام بإجراء مشاورات مع الأحزاب والإئتلافات والكتل النيابيّة لتكليف الشخصيّة الأقدر من أجل تكوين حكومة في أجل أقصاه شهر.”..!!
يعني ذلك ببساطة.. أنّه حتّى في حالة فوز حزب قلب تونس بالمرتبة الأولى.. فإنّ له أجل شهرين إثنين فقط لتكوين الحكومة.. والحصول على الثقة عليها من مجلس نواب الشعب..
فإن فشل في ذلك خلال تلك المدّة.. فاتت فرصته..
ويمكن للقوى السياسيّة الأخرى الباقية التي تمتلك الأغلبيّة بالمجلس والتي تكون قادرة على توفير النصاب لتكوين حكومة وضمان نيل الثّقة عليها من غالبيّة نواب الشعب.. أن تفوز بالحقّ في تكوين الحكومة..
وعلى رئيس الجمهوريّة أن يعطيها ذلك الحق الدستوري..
إذن فإنّ الأهمّ من الحزب الفائز بالمرتبة الأولى.. هو الحزب أو الإئتلاف القادر على ضمان أغلبيّة الأصوات بالمجلس لنيل الثّقة على الحكومة بمجلس نواب الشعب..
الأهمّ هو عدد المقاعد.. وليس المرتبة الأولى..!!!
يعني في النّهاية فإنّ الشقّ الثوري.. أي الطرف السياسي الديّمقراطي المعادي للمنظومة القديمة.. والمضادّ لمافيا لوبيّات السياسة والمال والإعلام.. يجب عليه أن يركّز أوّلا وأخيرا على ضمان الفوز بعدد 109 مقعد بالبرلمان..
حتّى ولو كانت تلك المقاعد مشتّتة وموزّعة بين عدّة أحزاب وقوى سياسيّة وقائمات..!!
المهمّ أن يكونوا قادرين على الفوز بذلك العدد من المقاعد..
وأن يكونوا مستعدّين للتوحّد والدّخول في إئتلاف حاكم لاحقا..
في هذه الحالة.. فإن ضمنت تلك القوى الديمقراطيّة الثوريّة.. أنّها امتلكت أغلبيّة مقاعد مجلس النواب.. حتّى ولو لم يكن أيّ حزب أو إئتلاف منها هو الأوّل في ترتيب الأحزاب أو الإئتلافات الفائزة.. فيعني ذلك حسابيّا أنّ الشق السياسي المقابل لن يكون قادرا على نيل الثقة على حكومته..!!
فيمكنهم بذلك أن يحاصروا حزب نبيل القروي.. وأن ينتظروا المدّة الدستوريّة البالغة شهرين إثنين كاملين.. إلى حين أن تنتهي مدّة حقّة الدستوري في تكوين الحكومة.. والمرور تبعا لذلك إلى الفرضيّة الثانية التي أقرّها الدّستور.. بأن تعرض على رئيس الجمهوريّة إئتلافا سياسيّا جديدا يملك الأغلبيّة بالبرلمان.. ليقوم بتكوين الحكومة باعتباره يضمن القدرة على منحها الثقة بالمجلس..!!
لذا يجب على القوى الديمقراطيّة الثوريّة أن تهتمّ بالسّعي في ما بقي من حملتها الإنتخابيّة إلى الفوز بأصوات ناخبين جدد من خارج الشقّ الثوري.. عوض أن تشغل نفسها بالصّراعات داخل نفس الدائرة.. وبحروب إنتخابيّة تهدف فقط لخطف الأصوات من بعضها البعض.. بدعوى التصويت المفيد.. وتترك في الأخير الفرصة للشقّ المقابل للثورة المضادّة وللمنظومة.. لجمع 109 مقعد بالبرلمان.. وعكس الهجوم بنفس الطريقة المذكورة أعلاه.. سواء كان لديها الحزب الأوّل بالإنتخابات التشريعيّة.. أو كان لديها تلك الأغلبيّة حتّى ولو لم يحصل أحد أحزابها على المرتبة الأولى..!!!

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock