الخطّة "ب" لنصرة المنظومة لنبيل القروي
عبد اللّطيف درباله
أليس الفساد والتحيّل وانعدام الأخلاق أفضل من الفوضى والتطرّف والإرهاب..؟؟!!
المنظومة القديمة المتهالكة في مأزق وتخبّط كبير..!!
فبعد الهزيمة السّاحقة لممثّلي المنظومة.. أصبح الخيار الآن بين قيس سعيّد وبين نبيل القروي في الدّور الثاني للرئاسيّة..
وتأكّد ذلك اليوم بعد رفض القضاء للطعون المقدّمة في خصوص النتائج..
قيس سعيّد هو من خارج المنظومة.. ونبيل القروي هو جزء من المنظومة..
لذا.. فهم لا يرغبون أبدا في رؤية قيس سعيّد رئيسا للجمهوريّة التونسيّة..!!
فهو خارج المنظومة القديمة والجديدة.. وخارج الأحزاب.. وخارج المافيات.. وخارج لوبيّات المال والإعلام التي تصنع السّلطة في تونس.. وهو كان دائما رافضا لأيّ إنتماء سياسي.. أو لأيّ نشاط سياسي مع أيّ جهة كانت..
وهو معروف باستقلاليّته وحياده ونزاهته ورفضه المناورات والصّراعات والتكتّلات والتحالفات..
في المقابل فإنّ نبيل القروي.. هو جزء فاعل في المنظومة.. بل كان أحد باروناتها و”ماكيناتها”.. بداية من 2011.. وفي أوّج الصّراع الإنتخابي سنة 2014.. وبعده..
ومعاداة القروي من جناح يوسف الشاهد أو من غيره.. كان فقط في نطاق الصّراع الشخصي على السّلطة.. ومحاولة كلّ فريق الإستئثار بها لنفسه..!!
لكنّ القروي في الأخير يبقى قابلا للمناورة والتحالف وتبادل المصالح والمنافع.. وعقد الصفقات المجزية..!!
لذا فإنّ المنظومة تفضّل بوضوح نبيل القروي في الرئاسة على قيس سعيّد..!!!
المشكل أنّ نبيل القروي وقع تشويهه واتّهامه من الجزء المنافس له في المنظومة.. بشتّى الإتّهامات والنعوت.. من التهرّب الضريبي إلى الفساد.. مرورا بتبييض الأموال وتهريب العملة الصّعبة والإستيلاء على المال والتحايل على القانون وعلى الدولة بشتّى الطّرق.. إضافة إلى التحيّل على الشّعب التونسي.. وما قالوا هم أنفسهم أنّها ممارسة للسياسة بطريقة غير أخلاقيّة.. واستغلاله لجمعيّة خيريّة لكسب أصوات الناخبين.. واستغلال قناته التلفزيّة في الإشهار السياسي.. وبثّ قناته خارج القانون لسقوط ترخيصها.. وغيره الكثير ممّا روّجته عنه الآلة الإعلاميّة المنافسة..!!
اليوم.. ولكلّ تلك الأسباب.. فإنّه لا يمكن فجأة أن يعلنوا بكلّ بساطة أنّهم يساندون نبيل القروي في مواجهة أستاذ القانون الدّستوري قيس سعيّد..!!
لأنّ ذلك سيشكّل سقوطا أخلاقيّا مدويّا أمام الرأي العامّ..!!
وسيجعل ما بقي من الناخبين “النّزهاء” أو “الغافلين” عن حقيقتهم.. يكملون هجرهم.. بعد الصفعة المدويّة الأولى لهم في الدّور الأوّل من الإنتخابات الرئاسيّة..!!
وهو ما سيشكّل لهم هزيمة ثانية.. وقاضية في الإنتخابات التشريعيّة.. قد تخرجهم ليس فقط من السّلطة ومن الحكومة أيضا.. وإنّما قد تخرجهم من المشهد السياسي برمتّه تماما..!!
لذا فإنّه من الصعب القول صراحة:
“نحن مع المتّهم بالفساد نبيل القروي”..!!
ولن يجرأ يوسف الشّاهد مثلا..وعلى الأغلب.. أن يقول لمن بقي من أنصاره.. انتخبوا نبيل القروي الذي طالما قلت عنه أنّه فاسد.. وأنّه يستحقّ السجن.. وأنّه خارج عن القانون.. وأنّني سعيت لاستصدار قانون بتعديل القانون الإنتخابي خصّيصا لإقصائه من الإنتخابات لأنّه لا مكان له فيها..
إنّها ورطة حقيقيّة..!!
فما هو الحلّ..؟؟!!
الحلّ الوحيد هو أحد خيارين:
- الخيار الأوّل.. هو الإنتقال من الموقف العلني المباشر “نحن مع المتّهم بالفساد نبيل القروي”.. إلى صيغة “نحن لسنا مع قيس سعيّد”..!!
بما يعني “كلمة سرّ”.. هي غير سريّة في الواقع.. لأنصارهم بالتّصويت لنبيل القروي..!! - الخيار الثاني.. هو إعلانها صريحة ومباشرة وجريئة:
“نعم.. نحن مع نبيل القروي ضدّ قيس سعيّد”..!!
وهي “مغامرة” سياسيّة شعبيّة محفوفة بالمخاطر.. وتنذر بعواقب لا أحد يقدّر وزنها على حظوظ هذا الشقّ في الإنتخابات التشريعيّة القادمة يوم 6 أكتوبر القريب..!!
لذا.. وللتقليل من حجم الضرر الإنتخابي لمثل هذا الخيار الخطير.. فإنّ الأفضل هو إنتهاج طريقة سياسيّة وإعلاميّة تجعل خيار نبيل القروي هو الأفضل.. أو على الأقلّ هو الأقلّ سوء.. من خيار قيس سعيّد..!!
لتنفيذ هذا الحلّ.. فإنّ الخطّة “ب” هي أن يتمّ ذلك بشيطنة قيس سعيّد تماما.. بشكل يظهر معه القروي وقد تحوّل إلى الخيار الأقلّ سوء.. وأصبح سعيّد في المقابل هو الخطر الأكبر.. بالمقارنة..!!!
لكن كيف يتمّ إقناع الرّأي العامّ.. وخاصّة غالبيّة الناخبين.. بأنّ هذه المنظومة.. ومن يمثّلها اليوم في الظاهر.. من أحزاب وشخصيّات سياسيّة مثل يوسف الشاهد وعبد الكريم الزبيدي وعبير موسي ومحسن مرزوق وسلمى اللّومي ومن هو معهم أو مثلهم.. والذّين طالما رفعوا شعار “مقاومة الفساد.”. وتغنّوا بنظافة اليد.. يمكنهم أن يساندوا في الدّور الثاني التصويت لفائدة مترشّح.. ووصول رئيس.. هو موقوف على ذمّة التحقيق أمام القضاء في قضايا فساد كبرى ومتشعّبة كشفتها أصلا جمعيّة مدنيّة فاعلة في مجال مقاومة الفساد.. وردّ عليها نبيل القروي.. مثلما أثبتته تسجيلات صوتيّة موثوقة.. بحملة شيطنة مستعملا أكاذيب وفبركات وأساليب تشويه أخرى غير قانونيّة ولا أخلاقيّة..؟؟؟
الحلّ هو أن يتمّ إفقاد قيس سعيّد صفة أستاذ القانون الدستوري النّزيه والمسالم والنظيف والجدّي والصادق والمحايد..!!
وإظهاره على العكس تماما بأنّه شخص مجهول التوجّهات.. يحمل برنامجا غامضا لتونس.. وأنّه متطرّف فكريّا.. ويحيط به متطرّفون من اليمين ومن اليسار.. وأنّه ينذر بالفوضى والإضطرابات.. وأنّه قد يعطّل الحياة السياسيّة في البلاد.. ويخلق شرخا عميقا بين مؤسّسات الدّولة.. أي الرئاسة من جهة.. والحكومة ومجلس نواب الشعب من جهة أخرى.. وأنّه ينذر بتغيير نمط حياة التونسيّين وحريّاتهم الشخصيّة ومكانة المرأة.. وأنّه شخص بمواقف محافظة متشدّدة ذات خلفيّة إسلاميّة.. أي أنّه رجعي غير حداثي.. وأنّه على علاقة عضويّة بالإسلاميّين مثل النّهضة وحزب التحرير.. وأنّه يتحدّث عن أيادي خلفيّة داخليّة وخارجيّة تتلاعب بالإرهاب في تونس.. وبالتالي فإنّ قيس سعيّد ينظّر للإرهاب ويدعمه..!!!
يعني خلاصة القول..
يريدون أن يقولوا للشعب التونسي.. صحيح أنّ نبيل القروي فاسدا ومتحيّلا ماليّا وسياسيّا.. وخارجا عن القانون.. وحملته الإنتخابيّة غير نزيهة.. وعديم الأخلاق..
لكن أليس الفساد والتحيّل والخداع وإنعدام الأخلاق.. هي أفضل من مخاطر المجهول والفوضى وخطر انهيار الدولة والرجعيّة وهضم حقوق المرأة والتطرّف الإسلامي والإرهاب..؟؟؟!!!