تصحيح أخطاء للرئيس القادم..
محمد ضيف الله
قرأت لقيس سعيد رأيا حول الأحزاب جاء فيه بأنها: “جاءت في وقت معين من تاريخ البشرية… بلغت أوجها في القرن الـ19 ثم في القرن 20 ثم صارت بعد الثورة التي وصلت على مستوى وسائل التواصل والتكنولوجيات الحديثة أحزابا على هامش الدنيا في حالة احتضار”. [حوار مع جريدة ‘الشارع المغاربي’ بتاريخ 11 جوان 2019]
هذا الكلام يتضمن أكثر من خطأ تاريخي وواقعي، يكفي أن نقول بأن أول حزب في تونس تأسس في 1920. وليس في القرن التاسع عشر، وفي البلاد العربية ظهرت الأحزاب بعد تونس باستثناء مصر. وبالتالي فالحديث عن أوج الأحزاب في القرن 19 لا يهمنا كعرب.
بل أن بعض البلدان العربية لم تعرف إلى حد الآن ظهور أحزاب، يكفي أن نذكر من بينها السعودية وبقية إمارات الخليج. ولا يمكن اعتبار هذه البلدان نماذج في الانتظام السياسي، ولا هي قدوة في الحكم الرشيد ولا المشاركة الشعبية. الأمر نفسه بالنسبة إلى ليبيا في عهد القذافي حيث كان يُرفع شعار “من تحزب خان” ولم تكن توجد أحزاب وإنما “لجان شعبية” وما تتسم به من فوضى، وبقي المجتمع منتظما في قبائل تقوم على العلاقات الدموية. بلدان عربية أخرى أغلبها تحت أنظمة عسكرية عاشت ردهات كبيرة من القرن العشرين في ظل أنظمة الحزب الواحد، وهو ما يذكر بالأنظمة الشيوعية المعاصرة لها والتي لم تكن تعترف إلا بالحزب الشيوعي وحده لا شريك له.
في العالم الذي تتسع فيه دائرة الديمقراطية في مختلف القارات والثقافات، لا يوجد نظام ديمقراطي واحد بدون أحزاب تتنافس على الحكم وتتداول على السلطة وتشكل فضاءات للانتظام السياسي والسلمي. سواء كان عدد تلك الأحزاب محدودا أو كبيرا، ولم يتجاوز أي نظام ديمقراطي نظام الأحزاب رغم أن وسائل التواصل والتكنولوجيات الحديثة هم الذين أنتجونها. وهو ما يعني أن كلام قيس سعيد لا أساس له من الصحة.