تدوينات تونسية

كيف انتهت "ديناستي" بن عليّ وليلى.. إلى مثل "رجل العائلة" "كادوريم"..؟؟!!

عبد اللّطيف درباله

زين العابدين بن علي وليلى الطرابلسي.. حلما.. وسعيا.. إلى تكوين عائلة حاكمة كبيرة ومتشعّبة ونافذة وقويّة..
عائلة كبيرة قادرة على حكم تونس لسنوات طويلة..
فابتدآ بالإستئثار بالسلطة واحتكارها.. ثمّ توزيعها بين أفراد العائلة..
حتّى أصبح الأشقّاء والأصهار يعطون الأوامر للوزراء وسائر كبار المسؤولين بالدولة..!!
لاحقا.. بدأ بن علي وليلى في تقوية عائلتيهما عبر المال.. فعملا على فتح أبواب “الرزق”.. والثراء على مصراعيه لكلّ أفراد العائلة من اليمين إلى اليسار.. وهما يعرفان تماما ما للمال من نفوذ وسطوة وجاه..!!
وخلال سنوات قليلة فقط.. أصبح أصغر فرد في عائلة بن عليّ وليلى وأصهارهما مليونيرا و”رجل أعمال”.. بل وكوّن بعضهم ثروة خياليّة مهولة.. في زمن قياسيّ..!!
بامتلاك السلطة والمال.. بدأ البحث عن الجاه.. عبر التغلغل في قمّة النسيج الإجتماعي التونسي.. عبر التصاهر مع عائلات أرستقراطيّة وبورجوازيّة و”بلديّة” كبرى..
وعبر توسيع شبكة تحالفات المال بالتّرابط العائلي والمنفعي مع العائلات عريقة الثّراء..!!
وتزوّج الكثير منهم من عائلات أرستقراطيّة وكبرى معروفة وغنيّة.. ماكانوا يحلمون بالتصاهر معها سابقا لولا أنّهم من عائلة الرئيس.. أو من “العائلة المالكة” كما صار يطلق عليها التونسيّون في دلالة عميقة..!!
ذلك الرّبط المقصود والإستراتيجي.. وذلك التشابك المتشعّب والعميق بين ثالوث السّلطة والأرستقراطيّة والمال.. لم يكن اعتباطيّا.. بل كان مدروسا ومقصودا.. إذ كان كفيلا بالفعل بضمان سيطرة العائلة على النّفوذ والجاه والسّلطة والمال طيلة عقود قادمة بتونس..
أو هكذا حلم زين العابدين وليلى..!!
عندما قام البنك العالمي بدراسة معمّقة للإقتصاد التونسي بعد الثّورة.. وبعد سقوط نظام بن علي في جانفي 2011.. في محاولة لتشريح وضعيّة إقتصاد بلادنا.. ودراسة الحلول وطرق النهوض به وتطويره.. استخلص تقرير البنك العالمي الرسمي أنّ حوالي 25 بالمائة من إقتصاد البلاد كان بيد العائلة الحاكمة..!!
تخيّل..!!!
ربع إقتصاد بلاد كاملة.. تقدّر قيمته بعشرات آلاف ملايين الدّينارات.. ويبلغ عدد مواطنيها في ذلك الوقت ما يناهز 11 مليون شخص.. هو بيد بضعة عشرات فقط من عائلة رئيس الجمهوريّة وزوجته وأولادهما وأصهارهما..!!
كان بن عليّ وليلى يحلمان بتكوين عائلة أرستقراطيّة مستحدثة.. تحتكر النّسب والجاه والسّلطة والحكم والنفوذ والمال.. لعقود طويلة بالوراثة وسط العائلة..
عائلة من نوع “ديناستي” (Dynastie) على الطريقة الأمريكيّة والأوروبيّة..!!
لكنّ ثورة الشّعب أسقطت حساباتهم..
فأطاحت بنظام وديكتاتوريّة بن عليّ..
وهرب زعيم “الديناستي” الجديدة مع عائلته الصّغيرة إلى خارج تونس على عجل..
وهرب البعض الآخر..
وقبض على البقيّة..
وضعف أو أفلس الآخرون..
وصادرت الدّولة بضغط شعبيّ جزء من أموالهم وثرواتهم بتونس..
وشتتّ الثّورة والسّجن والمنفى والموت شملهم..
وأضعفت العائلة..
وفتّت كتلتها..
وقضت على نواتها الصلبة..!!
اليوم شاء القدر أن يصبح كبير عائلة بن علي وليلى هو شخص مثل مطرب الرّاب “كادوريم”..!!
فهو “رجل العائلة”.. أو “كبير العائلة” الظاهر.. وهو ممثّلها.. وهو شبه النّاطق باسمها.. وهو عرّابها لدى العامّة..
والتناقض.. هو أنّه لو فكّر شخص مثل المطرب “كادوريم”.. بأصله.. وبمظهره.. وبمهنته.. وبما يشاع حوله.. وبصورته النمطيّة الغريبة تلك.. لو فكّر قبل 14 جانفي 2011.. في خطبة ابنة بن علي وليلى وهما في أوجّ مجدهما بتونس.. لكان “كادوريم” سيكون فرحا مسرورا لو اكتفى الديكتاتور بن عليّ وزوجته “الرئيسة” فقط برفض طلبه.. وخرج سالما معافى.. دون أن يدفع ثمنا فادحا لتجرّأ مثله على خطبة ابنة “صانع التغيير” و”حاكمة قرطاج”.. بل ربّما كان سيصبح ضحيّة تحقيق وعقاب لوقاحته في مجرّد التفكير.. في أنّه يمكنه أن يحلم مجرّد الحلم.. بالإقتران بمثل سيّدته “نسرين بن علي”..
هل تتخيّل لمجرّد لحظة أنّ بن علي عندما كان حاكما لتونس.. كان يمكنه فعلا أن يقبل أن يضع يده في يد شخص مثل “كادوريم”.. وأن يأخذ معه الصّور مبتسما في حفل زفاف ضخم وعلني مع ابنته “الأميرة”..؟؟
ولكنّها مشيئة القدر.. وإرادة اللّه.. التي هي فوق كلّ إرادة..!!
هذه ليست”شماتة” لا سمح اللّه..
ولكنّها فقط تفكير وتدبير وتذكير.. بما يجب أن نستخلصه من دروس وعبر.. حتّى لا ينسى بعض حكّامنا الجدد أنفسهم.. ويأخذهم إغراء السّلطة والنفوذ والجاه والمال.. ليقعوا في نفس الفخّ.. ولو بطرق مختلفة..!!!

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock