السبت 29 نوفمبر 2025
صالح التيزاوي
صالح التيزاوي

جبّة "مورو" خطر على مدنيّة الدّولة !!

صالح التيزاوي

يسأل الإعلامي “بوبكّر بن عكاشة” من تراه خطرا على مدنيّة الدّولة، فتأتي الإجابة من رئيس تونس المحتمل “الرّحوي” دون تردّد “مورو وكلّ من ترشّحه النّهضة”. يعني أنّ المترشّح للرّئاسة ليست له ضوابط محدّدة حول مدنيّة الدّولة يتّفق عليها الجميع، لأنّ مدنيّة الدّولة عنده مصطلح فضفاض يطلقه حسب الهوى، إمّا احتكارا وإمّا إقصاء، تماما كما كان يفعل بن علي… فليس مستغربا أن يصبح المرزوقي أو غيره خطرا على مدنيّة حتّى وإن كان فحلا من فحول العلمانيّة لمجرّد أن يحظى بدعم النّهضة أو حتّى جزء منها..
لم يشفق على مدنيّة الدّولة من مترشّح يجيز الزّواج من القاصرات ولا يمانع من تعدّد الزّوجات وكأنّنا في عصر الجواري، في مخالفة واضحة لدستور البلاد الذي كان الرّحوي وحزبه ورفاقه طرفا في صياغته…
لم يشفق على مدنيّة الدّولة من ورثة النّظام الإستبدادي الذين تمّت رسكلتهم بقليل من المفردات عن الحرّيّة وعن المسار الدّيمقراطي وعن الدّولة المدنيّة التي كانوا أعداءها ولم يكونوا من مناصريها في يوم من الأيّام.
لم يشفق على مدنيّة الدّولة من مترشّحة تهدّد بالغاء دستور الثّورة وإلغاء مبدإ توزيع السّلطات وجمعها في يد واحدة كما كان الأمر زمن الحزب الواحد، عندما كان الرّئيس أكثر من ملك وأكثر من عاهل، وتهدّد بالغاء كلّ مكتسبات الثّورة، وإعلان حرب إهليّة في المجتمع وفتح السّجون لمن انخرط في الثّورة وناصرها بل وربّما حتّى لبقايا عظام الشّهداء ورفاتهم..
لم يشفق على مدنيّة الدّولة ممّن يشاركونه نفس الأفكار الإستئصاليّة من أصحاب التّنظيمات الحديديّة، أولئك الذين اجتمعوا أمام المجلس التّأسيسي يطالبون بحلّه والإنقلاب على المسار الدّيمقراطيّ ولم يكن المجلس قد أنهى مهمّة صياغة الدّستور ولم تكن الثّورة قد أنهت عامها الثّاني.. ورقصوا فرحا وطربا على مشهد القتلى والحرقى على الفضائيات منقولا من رابعة والنّهضة، وهدّدوا شركاءهم في الوطن بقتل بعض الآلاف استنساخا للتّجربة السّيساويّة في تونس..
الرّحوي لا يخاف على مدنيّة الدّولة ممّن وظّف الإعلام والعمل الخيري (عيني.. عينك) لتحقيق مكاسب سياسيّة.. ضاربا عرض الحائط بأخلاقيات العمل السْياسي وقواعد الإعلام النّزيه ومقتضيات العمل الخيري..
فقط.. رأي في منافس واحد ومن دون المترشْحين جميعا “مورو” خطرا على مدنيّة الدّولة، ولا أعلم أنّ في الرّجل شيئا ممّا يشكّل خطرا على مدنيّة الدّولة.. إلّا إذا كان يرى في جبّته خطرا عليها.. مع أنّها لباس تقليدي، لبسها بورقيبة وحتّى بن علي وكلّ رؤساء تونس الذين جاؤوا من بعدهما.. ولكنّ رئيس تونس المحتمل يفرّق بين جبّة وأخرى وبين لحية وأخرى على أساس الأيديولوجيا اللّعينة..
أليس من حقّنا كمواطنين أن نخشى على مدنيّة الدّولة ممّن تآمر على رفاقه في الجبهة (وهو الذي بدأ وأراد أن يتنصّل في الحوار لولا أنّ المحاور أسكته). ولم يترك وسيلة إعلام إلّا وفضحهم فيها واتّهمهم كما اتّهموه بالزّور والتّزوير.. أليس مثل هذا السّلوك هو الخطر الحقيقي على مدنيّة الدّول بإغراقها في مشاكل الرّفاق وخطوطهم ومدارسهم وثرثرتهم عن طبيعة الإقتصاد التّونسي: رأسمالي أم إقطاعى أم شبه-شبه؟.. ثمّ كيف لمن عجز عن الحفاظ على وحدة رفاقه في جبهة ضمّتهم أن يحافظ على وحدة شعب ووطن؟
الخوف الحقيقي ممّن يعتقد أنّ بن علي مستبدّ وفي الوقت ذاته يشدّ الرّحال لتقبيل حذاء بشّار الأسد ويعتبر انقلاب العسكري في مصر على الثّورة وعلى مسارها ثورة تصحيحيّة!! أليس
الخوف الحقيقي على مدنيّة الدّولة ممّن يلعن الدّيمقراطيّة إذا اختارت غيره.. ويتّهم الشّعب في وعيه؟


اكتشاف المزيد من تدوينات

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً

صالح التيزاوي

رفع الطلبة بالجامعات الأمريكية أصواتهم أعلى

صالح التيزاوي  تشهد جامعات مرموقة بالولايات المتّحدة الأمريكيّة احتجاجات رافضة للحرب على غزّة ومؤيّدة للحقوق …

صالح التيزاوي

هل هي ليلة بدء الحساب؟

صالح التيزاوي  لقد سبق للكيان منذ عام 48 أن واجه أنظمة عربية ولكن لم يسبق …

اترك تعليق