تدوينات تونسية

ما وراء مسرح العرائس

أحمد الغيلوفي

من يظن بان من يتصارعون في مسرح السياسة يتحركون بارادتهم هو كالصبي الذي يشاهد مسرح العرائس فيظن ان تلك الدمى تتحرك “اورد راسها”. ان ظهور الاحزاب والشخصيات والمرشحين والرفع من اسهم هذا لضرب اخر ثم اختفاء فُجئي لثالث، كلها مجرد دمى يحركها فاعلون حقيقيون لا نراهم ورهاناتهم ماليه.
من هؤلاء؟ انهم الاربع عائلات الذين يملكون كل شئ ويحتكرون السوق التي نشتري منها كل شئ: المواطن العادي يرى السيارات في الطريق فيظن ان اصحابها وجدوها هناك: سوق السيارات تحتكره عائلة واحدة. يرى المعدات الطبية فيظن انها موجودة هناك “بطبيعتها”: كلها ورّدتها عائلة او اثنتان. يشتري الادوية فيظن انه اشتراها من الصيدلية. صناعة الادوية وتوريدها تحتكرها عائلة. الصفقات العمومية التي وصفها بعض الوزراء بـ” الهبرة الكبيرة” تحتكرها بعض العائلات. عندما قال سفير الاتحاد الاوروبي ان الاقتصاد التونسي في قبضة بعض العائلات فانه لم يفعل غير اعادة ما قاله تقرير منظمة العمل الدولية OIT سنة 2011 والذي وصف الاقتصاد التونسي بـ”تفشي العلاقات الزبونية السياسية وسيطرة مجموعة محدودة”.
ماذا يحدث عندما ياتي مُتطفل الي هؤلاء يريد حصة من السوق؟ يطردونه، فماذا يفعل؟ يقوم ببعث حزب ليدخل البرلمان لتهديدهم بتشريعات او بتنقيح مجلة الاستثمار او بتبني مرشح رئاسي يضغط به عليهم او بالتحالف مع لوبي اخر “غاضب”. وهكذا نكون امام معارك تبدو سياسية او قانونية او ايديولوجية ولكن رهانها الاخير هو من يتحكم في السوق. وهذا الصراع لا قاع ولا اخلاق له: هذه السنة “تونس” استوردت 117 الف طن من القمح (الحقيقة ثم واحد استورد). لنفرض انه يربح 100 د في الطن × 117 الف=؟ هذا الاخير الا يُكلفُ اشخاصا لحرق الحقول ويتدخل لاتلاف المحصول لكي يستورد العام المُقبل؟ للذين يستبعدون هذا نقول: الم تعلن وزارة الفلاحة سابقا ان حرق المحاصيل بفعل فاعل؟ ايه وينه الفاعل؟ ثم الذين يضعون اللوالب الفاسدة في قلوب التوانسة ما يحرقوش وما يتلفوش القمح؟

اترك رد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock