تدوينات لحرية الرأي وثقافة الحوار
صالح التيزاوي
1. بعض المترشّحين لكرسيّ الرّئاسة من الطّبقة التي طفت على سطح الحياة السْياسيْة بعد الثّورة يحملون الجنسيْة الفرنسيّة.. اثنان منهما تحمّلا أكبر مسؤوليّة في البلاد، رئاسة الحكومة في نظام شبه برلماني وهما المهدي جمعة ويوسف الشّاهد.. قد لا يكون من السّهل على النّاخب أن يغفر لهما أمر إخفاء جنسيتهما..
2. بعض المترشْحين للرّئاسة قدموا من فرنسا بحجّة إنقاذ تونس وإيصالها إلى برّ الأمان وشاركوا في حكومة محمْد الغنّوشي بعد هروب بن على، من هؤلاء، سعيد العايدي وياسين إبراهيم (غير مترشّح) وانتهى بهما المطاف بعد سياحة حزبيّة إلى تأسيس حزبين: ياسين إبراهيم أسّس حزب “آفاق تونس” وسعيد العايدي أسّس “بني وطني” وهما من أصحاب الجنسيّة المزدوجة، ولئن كان ياسين إبراهيم يدعم ترشْح المهدي جمعة الذي يحمل بدوره الجنسيّة الفرنسيّة ويقاسمه الإنتماء إلى جهة المهديّة.. فإنّ سعيد العايدي يدخل السّباق مرشّحا من حزبه..
3. أغلب المترشّحين للرّئاسة، اكتشفهم الشّعب التّونسي بعد الثّورة، ومنهم من كان قادرا على إسناد الشْعب التّونسي في مواجهة الإستبداد ولكنّه لم يفعل.. أخصّ بالذّكر: الهاشمي
الحامدي (جنسيّة بريطانيّة)، صاحب قناة المستقلّة، الذي أعلن في بداية انبعاث القناة، أنّه سيناضل من إجل “تغيير ديمقراطي وسلس في تونس” وقدّم بعض الملفّات عن وضع الحقوق والحرّيّات واستضاف شخصيات معارضة لحكم بن علي ثمّ انقلب على عقبيه وتحوّل بقناته إلى بوق دعاية وترويج لسياسة المخلوع والثناء الحسن على حاكمة قرطاج التي وصفها بالبرّ والتّقوى وأثنى على ارتدائها الحجاب… وقال بأنْها تؤمّ بناتها في الصّلاة وأنْها أهدته مصحفا.. الصّافي سعيد الأقرب إلى حركة الشّعب، هو الآخر رغم الخصائص التي يتوفّر عليها ( غزارة الإنتاج الفكري، فصاحة اللّسان، شبكة واسعة من العلاقات) إلّا أنّه لم يفعل شيئا للشّعب التّونسي في محنته ولم يضع خصائصه ومميّزاته في خدمة شعبه…
4. محسن مرزوق أو الرّجل الغامض.. صاحب الشّقوق والجبهات.. كلّما ضاقت عليه جبهة فتح أخرى.. لم يظفر التوانسة منه أو من غيره بإجابة شافية عن سرّ تلك الوثيقة التي وقّعها مع الأمريكان عندما رافق المرحوم الباجي قائد السّبسي إلى الولايات المتّحدة ولم تكن له وقتها صفة حكوميّة.. من أخفق في الإبقاء على وحدة الحزب الذي انتمى إليه (نداء تونس) كيف يمكن له أن يضمن وحدة التّونسيين؟ علاقاته بغرفة الثّورة المضادّة في أبو ظبي وأذيالها تشكّل مصدر قلق وخوف على المسار الدّيمقراطي في تونس. ويلتقي مع مرشّحي المنظومة القديمة في انشغالهم إلى حدّ الهوس بإدخال تعديلات على الدّستور، ظاهرها إدخال النّجاعة على السّلطة التّنفيذيّة بتسهيل اتْخاذ القرار وتحديد المسؤوليّات، وجوهرها الإلتفاف على الحقوق والحرّيّات وعلى المسار الدّيمقراطي برمّته. وإن قبلوا بالمسار فبشرط التّحكّم فيه وقيادته عبر السّيطرة على الرّئاسات الثّلاثة بانتظار ما سيفضي إليه جدل تغيير النّظام السّياسي.
5. مرشّحون من الوزن الثّقيل، من زمن النّضال ضدّ الإستبداد ورجال دولة بعد الثّورة.. المرزوقي أوّل رئيس جمهوريّة منتخب من نوّاب المجلس التّأسيسي، يحسب له حماية المسار الدّيمقراطي من المؤامرات الخارجبّة وكانت له جرأة المناضل والحقوقي ورئيس الدّولة لاتّهام سلطات أبو ظبي بالتّآمر على الثّورة التّونسيْة. مصطفى بن جعفر رئيس أوّل مجلس نيابي متعدّد في انتخابات حرّة ونزيهة، يحسب له قيادة المجلس التّأسيسي إلى دستور توافقي للجمهوريّة الثانية في مرحلة صعبة من عمر الثّورة، مورو “عصفور النّهضة النّادر” النّائب الأوّل لمجلس النّوّاب والقائم حاليّا بمهام رئيس مجلس نوّاب الشّعب… يدخل السّباق وفي رصيده تجربة نضاليّة ضخمة، يميّزها جمع نادر بين الأصالة والحداثة، واعتدال لا يرقي إليه شكّ، خطيب مفوّه، يتمتّع بقدرة عجيبة على العمل مع المختلفين.. قد يكون الأقرب للمرور إلى للدّور الثّاني..
6. اليسار الإستئصالي يدخل السّباق بثلاثة مرّشحين بعد تصدّع الجبهة (حمّة، الرّحوي، البريكي)، لا أحد منهم نجح في لمّ شتات اليسار، فكيف يمكن لأحدهم أن يجمع أصوات
النّاخبين على اختلاف مشاربهم وانتماءاتهم؟ ليس من المتوقٰع أن يمرّ أيّ منهم إلى الدور الثّاني رغم نبرة العناد والمكابرة والتّعالي، ولكنّهم سيتّفقون في الدّور الثّاني على قطع الطّريق لصالح مرشّح المنظومة القديمة كما فعلوا من قبل.
اكتشاف المزيد من تدوينات
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
