مقالات

تزكية المرشح للرئاسية: فوضى التزكيات في ظل الفراغ التشريعي

علي الجوابيعبد السلام الككلي 

تذكيرا بالوقائع نشير الى أن أنيس الجربوعي عضو الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات صرح يوم 14 اوت الجاري لإذاعة «شمس أف أم» “انّ نائبا زكّى أكثر من مترشّح للرّئاسية وأنّ الاشكال سوّي بسهولة. فقد توصّل المترشّح الى تعويض تزكية ذلك النّائب بتزكيتين”. غير ان مجموعة من جمعيات طلبت من هيئة الانتخابات نشر قائمة أسماء نواب مجلس الشّعب الذّين زكّوا مترشّحين للرّئاسية. وبعد تردّد استجابت الهيئة ونشرت قائمة الأسماء التّي بالاطلاع عليها يستفاد أنّ ثلاثة نوّاب زكى كل واحد منهم مرشحا واحدا لكنّهم نفوا تزكية مرشحين اثنين.
تدلّ هذه الوقائع على أنّ التّزكية تثير اشكاليتين هامتين تخصّ احداهما النّاخب المزكّي وتخصّ الثانية المترشّح وقد ظهرت هاتان الاشكاليتان في انتخابات 2014 وفي انتخابات 2019 وتتمثّل في عدم احترام احكام الفصل 41 سواء من حيث تزكية ناخب لأكثر من مترشّح أو من حيث ادراج أسماء ناخبين دون علمهم بوصفهم زكّوا أحد المترشّحين وسبب الاشكال انّ المشرّع لم يجرّم في القانون الانتخابي هذين الفعلين بنصّ خاص بهما فقد تغاضى عن تجريم الأولى وجرّم الثّانية في نصّ عام ليس مخصّص لها.
1. القانون الانتخابي مقتضب فيما يخصّ التّزكية
أ. التّزكية شرط أساسي للتّرشّح للرّئاسية
يعدّد القانون الانتخابي في فصوله 40و41و42 شروط التّرشّح للانتخابات الرّئاسية والتّي من بينها تزكية المترشّح من قبل 10 من النوّاب من مجلس نوّاب الشّعب أو 40 من رؤساء مجالس الجماعات المحلية المنتخبة أو 10000 من النّاخبين المرسّمين والموزّعين على الأقلّ على 10 دوائر انتخابية على أن لا يقلّ عددهم عن 500 ناخب بكلّ دائرة.
ويمنع الفصل 41 «على أيّ مزكّ تزكية أكثر من مترشّح» وإذا تبيّن أن مترشّحا حصل على تزكية من ناخب سبق له أن زكّى غيره أو من شخص لا تتوفّر فيه صفة النّاخب تعلم الهيئة ذلك المترشّح قصد تسوية ملف ترشّحه.
وتجدر الاشارة الى أنّه اضافة للدّستور فإنّ الاطار القانوني للانتخابات الرّئاسية لسنة 2014 لم يكن يتضمنه الفصل 41 وإنّما الفصل 171 من القانون الانتخابي والذّي ينصّ على أنّه خلافا للفقرة الأولى من الفصل 41 تتمّ تزكية المترشّح للانتخابات الرّئاسية القادمة (أي انتخابات 2014) من عشرة أعضاء من المجلس الوطني التّأسيسي أو من عشرة آلاف من النّاخبين المرسّمين الموزّعين على الأقّل على عشر دوائر انتخابية على أن لا يقلّ عددهم عن خمسمائة ناخب بكلّ دائرة منها.
وتشتمل التّزكية ركنا أساسيا منطقيا يتمثّل في معرفة النّاخب المزكّي معرفة مسبقة للمترشّح المزكّى له لانهما ينتميان الى نفس العائلة السّياسية الكبرى وبفعل التّزكية اوّلا يؤكّد النّاخب هذه المعرفة وثانيا يشهد بكفاءة المترشّح المزكّى له وبمؤهّلاته للقيام على أحسن وجه بمهام رئيس الجمهورية وصلاحياته طبق احكام الدّستور ولكن لا يشترط في المعرفة أن تكون متبادلة بين الطّرفين فلا يطلب من المترشّح ان يعرف شخصيا العشرة ألف ناخب المرسّمين الذّين زكّوه.
إنّ التّزكية من حيث القائم بها هي نوعان: تزكية تصدر عن اشخاص اعضاء في مجالس منتخبة فهم امّا نواب بمجلس نواب الشّعب أو رؤساء مجالس الجماعات المحلية، أو تزكية يقوم بها الانسان بصفته مواطنا بشرط أن يكون مرسّما بالسّجل الانتخابي لذا فإنّ التّزكية شخصية وليست حزبية فلا يشترط القانون على النوّاب المنتمين الى نفس الحزب أو نفس الكتلة البرلمانية الاتفاق على تزكية نفس المترشّح اذ ترك القانون لكلّ واحد منهم اختيار مرشّحه الذّي يراه مناسبا لمنصب رئيس الجمهورية.
ب. فراغ تشريعي فيما يخصّ التّزكية
يبدو القانون الانتخابي مختصرا فيما يتعلّق بالتّزكية فلم ينصّ على شروط معيّنة تخصّ صيغتها. وهو لا يشترط التعريف بالإمضاء ولم يشترط تحريرها على ورق معيّن ولم يبيّن الخطوط العامة لمحتواها. فهل يطلبها المترشّح للرّئاسية من الناخبين أم تصدر طواعية عن النّاخب فيزكّي من يراه صالحا لمنصب الرئاسة. ويبدو من مقال نشرته جريدة الصّباح الأسبوعية يوم 19 اوت الجاري انّ المترشّح للرّئاسية يطلبها وفي سعيه اليها يكلّف من يجمعها له فأصبحت التّزكية موضوع صفقات مالية وتمّ ابتكار مهنة جديدة وهي المزكّي العمومي الذّي «يجمع التّزكيات بمقابل مقداره 5 دنانير عل الرأس أمّا في هذه الانتخابات فارتفع المقابل المالي للتّزكية بين 20 و30 دينارا وأكثر وفق ما أكّده أحد الضّحايا». لقد ترك القانون الانتخابي أيضا للهيئة ضبط اجراءات التّزكية والتّثبّت من قائمة المزّكين.
تولّدت عن التّزكية في انتخابات 2014 وفي انتخابات 2019 اشكالية عدم احترام احكام الفصل 41 سواء من حيث تزكية ناخب لأكثر من مترشّح أو من حيث ادراج أسماء ناخبين دون علمهم بوصفهم زكّوا أحد المترشّحين وسبب الاشكال انّ المشرّع لم يجرّم في القانون الانتخابي هذين الفعلين بنصّ خاص بهما.
2. الاشكاليات القانونية المترتّبة عن الفراغ التّشريعي
أ. عدم ترتيب جزاء ضدّ تزكية ناخب لأكثر من مترشّح
اوضحت هيئة الانتخابات في تقريرها المتعلّق بانتخابات 2014 أن المحكمة الادارية اقرّت الحقّ في تصحيح تزكية مترشّحين تقدّموا بالعدد المشترط قانونا دون غيرهم. واعتبرت ان التّنبيه بتصحيح التّزكية لا يكون واجبا إلاّ تجاه من استوفي العدد القانوني المطلوب.
لقد اعتمد المشرّع مبدأ حسن النّية لدى المترشّح للرّئاسية وخوّل لمن حصل على تزكية من ناخب سبق له أن زكّى مترشّحا آخر أن يتدارك في أجل محدّد الخلل في ملفّه ويسوّيه بالحصول على تزكية قانونية من ناخب آخر لم يسبق له تزكية مترشّح.
مبدئيا يمكن القول بانّ المشرّع حرص على تكريس ما جاء في الدّستور في ما يخصّ الانتخابات بأن تكون عامة وحرّة ومباشرة وسرّية ونزيهة وشفّافة “يراجع الفصلان 55 و75 من الدّستور” فقد أبقى على الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات وحافظ على اختصاصها شبه المطلق في تسيير العملية الانتخابية والاشراف عليها وفرض بأحكام آمرة في القانون الانتخابي على الناخبين وعلى المترشّحين وعلى اعضاء مكتب الاقتراع ورئيسه وعموما على جميع المعنيين بالعملية الانتخابية القيام بأعمال معيّنة وحجّر عليهم القيام بأعمال محدّدة وجرّم في الباب السادس المتعلّق بالجرائم الانتخابية من لا يمتثل لتلك الأحكام وبيّن عقوبة كلّ جريمة وسنّها في نصّ خاص هو القانون الانتخابي وتتمثّل العقوبات في الخطيّة المالية وفي السّجن وفي فقدان العضوية بمجلس نوّاب الشّعب وفي الحرمان من التّرشّح للانتخابات المقبلة.
لقد جرّم المشرّع في الفصل 160 تعمّد خرق سرّية الاقتراع أو المسّ بنزاهته أو الحيلولة دون أجرائه ورتّب لهذه الجريمة عقاب السّجن مدّة سنة وبخطية قدرها ألفا دينار وجرّم في الفصل 162 الاعتداء على حرّية الاقتراع ورتّب لهذه الجريمة عقابا بالسّجن من ثلاث الى خمس سنوات وخطيّة من ثلاثة آلاف الى خمسة آلاف دينار.
وفيما يخصّ الشّفافية يوجب المشرّع في الفصل 129 على رئيس مكتب الاقتراع قبل انطلاق عملية الاقتراع التّأكّد أمام الحاضرين من ممثّلي القائمات أو المترشّحين أو الأحزاب أو الملاحظين «من أنّ صندوق الاقتراع فارغ قبل اقفاله وفقا للصّيغ والاجراءات التّي تضبطها الهيئة» وجرّم في الفصل 157 عدم امتثال رئيس مكتب الاقتراع لأحكام الفصل 129 ورتّب لهذه الجريمة عقابا بالسّجن مدّة شهر وخطيّة مالية بمبلغ ألف دينار.
ونذكر ايضا على سبيل المثال انّ الفصل 69 من القانون الانتخابي يحجّر جميع اشكال الدّعاية خلال فترة الصّمت الانتخابي وجرّم الفصل 155 عدم الامتثال لأحكام الفصل 69 ورتّب لهذه الجريمة خطية مالية من 3 آلاف دينار الى عشرين ألف دينار.
ويمنع المشرّع في الفصل 80 التمويل الأجنبي للحملة الانتخابية وجرّمه في الفصل 163 ورتّب عقوبات لهذه الجريمة. وتلزم محكمة المحاسبات من ثبت حصوله على تمويل أجنبيّ لحملته الانتخابية «بدفع خطيّة مالية تتراوح بين عشرة أضعاف وخمسين ضعفا لمقدار قيمة التّمويل الاجنبي» وعملا بأحكام الفقرة الثّانية من الفصل 163 يفقد أعضاء القائمة المتحصّلة على التّمويل الأجنبي العضوية بمجلس نوّاب الشّعب ويعاقب بالسّجن مدّة خمس سنوات المترشّح لرئاسة الجمهورية إذا ثبت حصوله على تمويل أجنبي.
وحرم المشرّع في الفقرة الثّالثة من ذات الفصل كلّ من ثبت حصوله على تمويل أجنبي لحملته الانتخابية «من التّرشّح في الانتخابات التّشريعية والرّئاسية الموالية».
ولكن يبدو أنّ المشرّع وفّق فقط وجزئيا في تكريس الفصلين 55 و75 من الدّستور في القانون الانتخابي ذي الصلة بالعملية الانتخابية. فلقد خصّ في الفصل 41 النّاخب بالمنع اذ حجّر عليه تزكية أكثر من مترشّح لكن لم يرتّب القانون الانتخابي جزاء لمن خالف واجب المنع فلم ينصّ على عقاب من زكّى أكثر من مترشّح فإذا اعتبرنا المشّرع في القانون عدد 16 لسنة 2014 سها عن تجريم فعل التّزكية لأكثر من مترشّح رغم انّه منعه في ذات القانون فإنّنا نتساءل لماذا لم تتّجه ارادة المشرّع عام 2017 عندما نقّح القانون السالف الذّكر الى تجريم تزكية النّاخب لأكثر من مترشّح.
يستمدّ هذا السؤال شرعيته اوّلا من عدم جدوى المنع اذا لم يرتّب له المشرّع جزاء وثانيا اعتبارا بما حصل في انتخابات عام 2014. اذ نتبين ان ناخبين خرقوا أحكام الفصل 41 وزكّوا أكثر من مترشّح وثالثا بالنظر الى ما يشاع من أنّ نوّابا في مجلس نوّاب الشّعب زكّوا أكثر من مترشّح رغم نفي النواب المعنيين ذلك.
كل الشّكوك تبدو موجّهة نحو النوّاب الواردة أسماؤهم في القائمة التّي نشرتها هيئة الانتخابات ومبدئيا يفترض فيهم العلم بأحكام الدّستور والقانون والالتزام بتلك الاحكام ففيهم تتجسّد سلطة الشّعب التّي يمارسها عبرهم بصفتهم ممثّليه حسب صريح الفصل 50 من الدّستور ويجب ان يكونوا قدوة. وتبقى كثير من الشكوك قائمة ضدّهم. فقد يكون كلّ واحد منهم زكّى أكثر من مترشّح ما لم يقدّموا عرائض شكايات الى وكيل الجمهورية ضدّ من نسب لهم حسب اقولهم تزكية لم يقوموا بها. فننتقل بذلك من موضوع التّزكية لأكثر من مترشّح باعتبارها موضوعا يعنى الهيئة الى موضوع نزاع قضائي توجّه فيه التّهمة الى المترشّح للرّئاسة الذّي يقدّم في ملفّه قائمة تّزكية تتضمّن أسماء ناخبين لم يزكّوه بمعنى اننا بإزاء شبهة جريمة تدليس.
ب. إدراج اسم ناخب دون علمه في قائمة تزكية أحد المترشّحين
اعلمت الهيئة المستقلّة في صفحتها بالفاسبوك انّها «تكريسا لحقّ النّفاذ الى المعلومة والتزامها بمبدأ الشّفافية» وضعت على ذمّة العموم قائمة النّواب المزكّين المترشّحين للرّئاسية 2019 ونشرت أسفل الاعلام القائمة ثمّ أصدرت بلاغا تعلم فيه أنّها فتحت بمقرّاتها الفرعية سجّلا لقبول اعتراضات المواطنين المعترضين على ورود أسمائهم بقائمات المزكّين التّي قدّمها المترشّحون المقبولون أوّليّا للانتخابات الرئاسيّة لسنة 2019 واشترطت أن يكون الاعتراض كتابة مُرفقا بنسخة من بطاقات التعريف الوطنيّة واشعرت بأنّها ستعمل «على المتابعة القانونية للموضوع».
لم توضّح هيئة الانتخابات في بلاغها لماذا اقتصرت على قائمات التّزكية التّي قدّمها المترشّحون المقبولون أوّليا واستثنت المترشّحين غير المقبولين أوّليا فقد ميّزت الهيئة حيث يجب عدم التّمييز ونعتقد أنّه من المتّجه نشر كلّ قائمات التّزكية التّي قدّمها كلّ المترشّحين للرّئاسية فيطّلع عليها المواطنون ليعلموا هل وردت أسماؤهم دون علمهم في قائمات تزكية.
ولم تبيّن هيئة الانتخابات طبيعة المتابعة القانونية التّي تعهّدت بالقيام بها فهل ستعلم النّيابة العمومية بتلك الاعتراضات. بينما نشرت “رابطة النّاخبات التونسيات” في صفحتها لفائدة من وجد نفسه في قائمة تزكية دون علمه نموذج شكاية في التّدليس ومسك واستعمال مدلّس يبيّن فيها العارض هويّته وهويّة المترشّح «المستفيد» من التّزكية.
لم يجرّم المشرّع في القانون الانتخابي نسبة تزكية لشخص لم يقم بها وإنّما يوجد نصّ عام ينطبق على هذا الفعل وعلى غيره وهو الفصل 158 الذّي يعاقب بالسّجن مدّة ستّة أشهر وبخطية ألف دينار “كلّ شخص ينتحل اسما أو صفة أو يدلي بتصريحات أو شهائد مدلّسة أو يخفي حالة حرمان نصّ عليها القانون أو يتقدّم للاقتراع بأكثر من مكتب اقتراع” وقد نشرت الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشّخصية في موقعها أنّ رئيسها أوضح أنّ التّزكية دون علم المنسوب اليه هذه التزكية فعل اجرامي يعاقب عليه القانون واقترح في تصريح بثّته “الوطنية 1” في نشرتها الرّئيسية تجريم هذا الفعل في نصّ خاص به مع تشديد العقاب.
لقد ترك المشرّع لهيئة الانتخابات مهمّة ضبط اجراءات التّزكية وقد ذكرت الهيئة في الصّفحة 64 من تقريرها حول انتخابات 2014 أنها نظرت في امكانية اشتراط التّعريف بالإمضاء ثمّ تخلّت عن هذه الامكانية لعدّة اعتبارات من اهمّها أنّ «عدم التّنصيص على أيّ آلية لجمع التّزكيات على غرار ما ذهب اليه المشرّع من شأنه أن ييسّر مهمّة الرّاغبين في التّرشّح في جمع التّزكيات من النّاخبين» وبذلك تخلّت هيئة الانتخابات عن صلاحية أسندها لها المشرّع.
وذكرت هيئة الانتخابات في الصّفحة 14 من نفس التقرير أنّ التّزكية «أثارت أسئلة مهمّة حول جدواها ومدى نجاعتها» فقد عاينت إخلالات كبيرة أثناء البتّ في التّرشّحات انجرّت عنها شكايات وقضايا لدى النّيابة العمومية قام بها ناخبون لوجود شبهة تزوير ودعت الهيئة الى مراجعة اجراءات التّزكية في الرّئاسية و اقرار عقوبات جزائية وأخرى انتخابية في القانون الانتخابي على غرار المنع من ممارسة حقّ الاقتراع والتّرشّح لأي انتخابات أخرى لكلّ من يتعمّد تقديم تزكية مدلّسة».
فهل ينقّح المجلس النيابي القادم الفصل 41 وغيره من فصول القانون الانتخابي كما فعل المجلس الحالي مع فصول أخرى صلب مشروع قانون تنقيح القانون الانتخابي وهو المشروع الذي لم ير النور رغم مصادقة مجلس نواب الشعب عليه وإقرار الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين عليه اذ لم يختمه الباجي قايد السّبسي رئيس الجمهورية الراحل.
انه من المتعين في نظرنا تجريم: اوّلا تزكية أي ناخب لأكثر من مترشّح وثانيا تدليس اية تزكية. كما يتعين ترتيب عقوبات سجنية وخطايا مالية وعقوبة الحرمان من الحق في الانتخاب وفي التّرشّح وعقوبة فقدان العضوية اذا كان مرتكب الجريمة عضوا في مجلس منتخب وعقوبة مدنية تتمثّل في استرجاع الدّولة لجميع المبالغ المالية التّي تسلّمها بصفته عضوا منتخبا في مجلس نوّاب الشّعب أو مجلس جماعة محلّية على معنى الباب السّابع من الدّستور وذلك بالنسبة الى الجرمتين المذكورتين ؟
لا مجال في نظرنا لترك المجال للعابثين المتحيّلين ليواصلوا الانتفاع بثغرات القانون التّشريعي. فلا شيء يمنعهم من الاستخفاف بالانتخابات وبهيئة الانتخابات وبالمحكمة الادارية وبمؤسّسات الدّولة فيكرّرون في الانتخابات المقبلة ما سبق ان فعلوه في الانتخابات 2014 وفي الانتخابات الحالية ما دام الائتلاف الحاكم ونوابنا في المجلس التشريعي الحالي لم يستخلصوا الدّرس ممّا جدّ في انتخابات 2014 ولم يحاولوا في متّسع من الوقت وفي بداية المدة النّيابية تدارك النّقائص في القانون الانتخابي.
أخيرا… قصتنا مع سلة المهملات
أخيرا وبقطع النظر عن تساهل الهيئة في ما يخص شرط التعريف بالإمضاء عند كل عملية تزكية وتفريطها في السلطة الترتيبية التي منحها إياها المشرع، فمن الغريب الذي يصعب فهمه هو انعدام الجدوى من التقارير الذي تنشرها عقب الاستحقاقات الانتخابية المتعاقبة. لقد نبهت الهيئة في تقريرها سنة 2014 الى كل ثغرات القانون الانتخابي وكل مآزقه. أشارت الى ذلك بوضوح.. وطالبت بتعديل الاوتار وبسد الفراغات وتجنب المطبات. غير ان التقارير تكتب عندنا ولا تقرأ. فمن من نوابنا اطلع على هذا التقرير؟. من من نوابنا يهمه الاستفادة من تراكم التجربة الانتخابية ؟. بل من من صحافيينا وضح للناخبين مازق عملية التزكية انطلاقا من تجربة الماضي الملاحظة بدقة من خلال تقرير الهيئة السابقة ؟… لقد جرى نوابنا نحو تعديل القانون الانتخابي بغايات سياسوية مشبوهة لا تخفى على احد.. اما في ما عدا ذلك فليس لديهم الوقت للاطلاع والاستفادة والتمعن في جدوى أي تعديل… نحن امة لا تقرأ واذا ما كتبت فان مصير ما تكتبه كثيرا ما يذهب رأسا الى سلة المهملات او يعرف في أسعد الحالات اقبالا لا يتجاوز بعض خبراء ممن لا قدرة لهم لا على صناعة القرار ولا على سن القوانين…

اترك رد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock