آخر نكتة وطنيّة: حاكم تونس.. فرنسي الجنسيّة..!!!
عبد اللّطيف درباله
أي واللّه..!!!
اتّضح بأنّ حاكم تونس.. وهو رئيس الحكومة التونسيّة يوسف الشاهد.. حكم تونس لأكثر من ثلاث سنوات كاملة.. وهو يحمل جنسيّة دولة أجنبيّة.. هي فرنسا..!!
ومن كثر شفافيّة يوسف الشاهد.. الذي لم يخف من أن “يضربه التريسيتي” كما قال بلسانه.. فإنّه لم يخبر الشعب التونسي في أيّ يوم بأنّه يحمل جنسيّة بلد أجنبي آخر في نفس الوقت الذي يشغل فيه أهمّ منصب بالبلاد وفق الدستور الحالي..!!
اتّضح بأنّ يوسف الشاهد الذي دعانا إلى الوقوف لتونس.. كان المسكين يقف لتونس ولفرنسا في ذات الوقت..!!!
تخيّل بأنّ يوسف الشاهد اسقبل الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون.. كرئيس حكومة تونسي.. وكان في نفس الوقت مواطنا فرنسيّا عاديّا يستقبل رئيس دولته..!!
وعندما كان رئيس الحكومة التونسيّة يجلس مع السفير الفرنسي في تونس.. لم يكن في الواقع رئيس حكومة دولة يجلس مع سفير دولة أخرى أجنبيّة.. ولكنّه كان في نفس الوقت مواطنا فرنسيّا يجلس مع سفير دولته في تونس..!!
تخيّل.. ولكنّه واقع لا خيال.. أنّ يوسف الشاهد وهو يحكم تونس.. وهو يدعو الشعب التونسي للوقوف لتونس.. كان يمكنه أن يتمتّع بجميع حقوقه الماديّة والمعنويّة كمواطن فرنسي..!!
فلو كان عاطلا عن العمل كان يمكنه الحصول على منحة بطالة فرنسيّة..
ولو مرض كان يمكنه أن يذهب لمستشفى عمومي فرنسي للعلاج..
ولو تمّ التحقيق معه بتونس في قضيّة مثلا.. كان يمكنه أن يطلب المساعدة من سفارة وقنصليّة فرنسا في تونس..
واليوم يوسف الشاهد أعلن.. فرحا مسرورا.. وفاجأ الشّعب التونسي بأنّه تنازل عن الجنسيّة الفرنسيّة.. رغم أنّ الدّستور لا يفرض عليه ذلك إلاّ عند فوزه للرئاسة.. وأنّه مطالب فقط بالتعهّد بالتنازل عن الجنسيّة الأجنبيّة لو فاز في الإنتخابات وشغل منصب رئيس الجمهوريّة..
وقد اعتبر الشاهد تصرّفه.. بادرة حسن نيّة وطنيّة هائلة.. أعلنها بنفسه على صفحته الشخصيّة الرسميّة على موقع الفايسبوك.. منتظرا أن يثمّن الشعب التونسي التضحيات الجسام للشابّ يوسف الذي تنازل مسبقا عن جنسيّته الفرنسيّة “الثمينة”.. للدلالة على وطنيّته البالغة..!!
لذا فعلى الشعب التونسي اليوم أن يشكره.. و”ما فيها باس زيد يصوّت له”.. لانتخابه رئيسا..!!
لكنّ الشاهد لم يخبر الشعب التونسي لماذا أخفى عنه طيلة ثلاثة سنوات كاملة بأنّه مزدوج الجنسيّة..!!
ولم يعتبر الشاهد ذلك دلالة على سوء النيّة وإنعدام الشفافيّة..!!
حكاية الجنسيّات المزدوجة للسياسيّين التونسيّين الشاغلين لمناصب رسميّة عليا بالدولة مثل كتّاب الدّولة والوزراء ورؤساء مجلس النواب ورؤساء الحكومة ورؤساء الجمهوريّة.. هو أمر بالغ الحساسيّة.. ويجب تداركه ومعالجته فورا..
نحن نتفهّم تماما بأنّ الكثير من المواطنين ومن الشخصيّات السياسيّة عاشت خارج تونس واضطرّت لضرورات حياتيّة وقانونيّة أحيانا.. إلى الحصول على جنسيّات الدول الأخرى الأجنبيّة المقيمين فيها..
ونحن نعرف وندرك ونفهم.. بأنّ الكثير من الناشطين السياسيّين في تونس اضطرّوا للعيش في المنفى هربا من الديكتاتوريّة.. ومن سياسة بن عليّ القمعيّة.. وهربا من المطاردة والتعذيب والإعتقال والمحاكمات والسّجن.. وأنّهم اضطرّوا بدورهم للحصول على جنسيّات دول أجنبيّة آوتهم وحمتهم وضمنت لهم لقمة العيش في الوقت القاسي والصّعب..
وإن كان من حقّ هؤلاء العودة إلى تونس وممارسة السياسة.. بعد أن سقطت الديكتاتوريّة وانتشرت الحريّة والديمقراطيّة.. وفتح لهم الوطن حضنه من جديد.. وأصبح من حقّهم الطّموح إلى شغل مناصب عليا بالدّولة.. فإنّه لا يعقل مع ذلك.. وبأيّ حال أن يكون رئيس جمهوريّة أو حكومة أو برلمان أو وزير تونسي.. وهو في نفس الوقت يحمل جنسيّة دولة أجنبيّة.. يخضع لقانونها وسلطاتها ويدين لها بالولاء.. ويتمتّع بامتيازاتها.. خاصّة بالنّسبة للبلدان الغربيّة الغنيّة والتي تقدّم مزايا كثيرة مغرية لمواطنيها..
نحن لا نكاد نرى دولا متقدّمة في العالم الديمقراطي.. يترأسّها أشخاص يحملون في نفس الوقت جنسيّات دولة أخرى أجنبيّة.. نظرا لتضارب المصالح.. وتداخل التأثيرات.. والنّفوذ..
بل أنّ أغلب البلدان العريقة في الديمقراطية تضع من بين شروط الترشّح عدم حمل جنسيّة أجنبيّة.. وليس فقط التعهّد بالتنازل عنها عند الفوز..
وإذا ما كن الدّستور التّونسي لم يمنع حامل الجنسيّة الأجنبيّة من الترشّح للإنتخابات.. وإنّما اشترط التنازل عن الجنسيّة الأجنبيّة في حالة الفوز بالرئاسة.. وشغل المنصب السامي فعليّا..
فإنّه لا أقلّ من أن يكون نفس الشرط متوفّرا أيضا بالنسبة لمنصب رئيس مجلس النواب.. وخاصّة لمنصب رئيس الحكومة..
بل لعلّه من الغريب أن لا ينصّ الدّستور التونسي على شرط التنازل عن الجنسيّة الأجنبيّة لرئيس الحكومة بمجرّد شغله للمنصب.. والحال أنّه وفقا للدستور نفسه فإنّ الحاكم الفعليّ الأوّل والأعلى للبلاد.. هو رئيس الحكومة وليس رئيس الجمهوريّة.. وهو الذي يملك أغلب السلطات والصلاحيّات.. بشكل يفوق رئيس الجمهوريّة..
فكيف يكون حاكم البلاد أجنبيّا..؟؟
وكيف حكم تونس وسيّرها وأدارها طيلة ثلاثة سنوات كاملة شخص تونسيّ وفرنسيّ في نفس الوقت.. هو يوسف الشاهد..
والشعب التونسي لا يعلم أصلا..؟؟؟
ثمّ يتشدّقون في خطبهم السياسيّة زورا وبهتانا.. بشعارات “الوطنيّة”.. و”السيادة الوطنيّة”.. و”الإستقلاليّة”.. و”القرار الوطني”.. والحال أنّهم أصلا حتّى وهم يمسكون بأعلى سلطة بالبلاد.. لا يرون أنّ تونس ومنصبهم والمصلحة الوطنيّة.. تستحقّ جميعها التنازل عن مزايا جنسيّة دولة أجنبيّة غربيّة..!!!