الثلاثاء 24 يونيو 2025
إسماعيل بوسروال
إسماعيل بوسروال

الاستقلال الداخلي الذي لا ياتي 03

إسماعيل بوسروال

لا اشعر انني في بلد مستقل… صحيح ان المستعمر الفرنسي غادر تونس ظاهريا ولكنه ابقى خيوط اللعبة بيده… لكن ما اواصل الحديث عنه هو (الاستعمار الداخلي) حيث ما تزال بلادنا ترزح تحت حكم المافيات واللوبيات التونسية.
قامت ثورة الحرية والكرامة 17 ديسمبر 14 جانفي وكنت اعتقد اننا تخلصنا من حكم (الصبايحية) لكن عدة مواقف اكدت ان الاستقلال الداخلي لم يات بعد وساقتصر على حالات محددة اشير اليها تباعا في موقع تدوينات.
• يوم 24 ديسمبر 2011 قامت حكومة الوزير الاول الباجي قائد السبسي بتسليم السلطة الى حكومة رئيس الحكومة حمادي الجبالي في مسهد مذهل حيث جلست الحكومتان جنبا الى جنب، كل وزير مغادر اتخذ مكانه الى جانب الوزير القادم.
احتل الخبر عناوين الاخبار في اهم المحطات الفضائية في العالم (الجزيرة – فرنسا 24 – البي بي سي – روسيا اليوم) واحتفى به العالم كمشهد بديع وممتع للتداول السلمي على السلطة نادر الوقوع في العالم الثالث… الا ان القناة الوطنية التونسية الاولى (الاعلام العمومي) غيبت الخبر في نشرة الانباء الرئيسية س 20.00 واستهلت الاخبار بالحديث عن اسعار الخضر والغلال… وادرجت (التداول السلمي على السلطة) الى المرتبة الرابعة.
وقد فسّرت مسؤولة قسم الاخبار اليسارية المتطرفة (شادية خذير) ذلك بان “فلسفة” الإخبار تقوم على التركيز على انشغالات المواطن الذي تهمه الاسعار قبل التداول السلمي على السلطة.
موقف يلخص سيطرة المافيا على مقاليد الامور في البلاد التونسية… مافيا تتحكم فيما يجب ان يكون وما يجب الا يكون… مافيا لا يعنيها اجراء انتخابات حرة ونزيهة يعبر فيها المواطن عن رايه بكل حرية ويختار الحاكم الذي يراه اهلا للثقة.
استمر الاستعمار لجهاز الاعلام العمومي من 2011 الى 2019 وهو ما يزال خاضعا لقوى ومراكز نفوذ تتحكم في ما يدور وراء الستار.
•••
بعد ثورة الحرية والكرامة 17 ديسمبر 14 جانفي ظننا اننا تحررنا من القيود… لكن ذلك مجرد وهم، لقد تأكد ان الاستعمار الداخلي مازال جاثما على بلادنا من خلال لوبيات الفساد والاستبداد… ثمة مشاهد اعلامية بارزة تثبت وجود طبقة متنفذة من الاستعماريين المحلييين :
• ظهرت منظمة (الشفافية، التونسية) وليست العالمية مرة واحدة وهي منسوبة لصاحبها سامي الرمادي (قطاع الصحة، خاص)… وانحصرت مهمة الشفافية الرمادية في تشويه “الرئيس محمد المنصف المرزوقي) من خلال فاتورات القاروص التي في الاصل هي من استهلاك الحرس الرئاسي وليس الرئيس فحسب… كانت المهمة الوحيدة لهذه المنظمة هي (تشويه د.منصف المرزوقي)… لم تتطرق الشفافية الرمادية الى اي تجاوز او ملف فساد لا في عقود الطاقة ولا بحثت عن الموارد الطبيعة ولا ساهمت في توضيح الاجابة عن السؤال الاجتماعي الكبير : وينو البترول ؟
لم تقدم منظمة الشفافية الرمادية اي ملف عن ملفات الفساد التي ذكرتها حكومة الشاهد والمنسوبة الى شفيق جراية ولا ابدت توضيحات حول ملفات وزارات الطاقة والنقل والصحة والصناعة وكذلك الصفقات العمومية والمناظرات المطعون فيها والتسميات التي لا تحترم فيها معايير الكفاءة والجدارة… كذلك ملفات منسوبة لاجنحة الحكم ومراكز القوى التابعة لنداء تونس اساسا… كما لم نسمع للشفافية ركزا حول الفساد الطاغي على سلوك ومواقف وتصرفات المنظمات الوطنية ومنها رموز نقابية في المنظمة الشغيلة بما يؤكد ان وراء الشفافية الرمادية لوبيات ومافيات تستهدف د. منصف المرزوقي دون غيره ولا تهمها لا تونس ولا شعبها ولا قضاياه لانه تؤكد فقط احتلالها لشعب تونس التائق الى الحرية.
•••
كان من حسن الظن ان نتصوّر “حسن اخلاق” اهل الصحافة بعد “غصرة 14/17” وما تعرضوا اليه من نقد لاذع من مختلف اطياف المجتمع… لكن تصح فيهم قصة (ذيل الكلب) مع الاسف الشديد.
• حضر، ذات يوم من ايام حرية الصحافة والاعلام، ثلاثي محترف مختص في الصحافة الاستقصائية وطرح المواضيع الجريئة (نور الدين بن تيشة + حمزة البلومي + هيثم المكي) وقدموا شريطا مسجلا يشتم فيه الرئيس التونسي د. منصف المرزوقي الشعب التونسي ويهدده ببحر من الدماء… لكن بعد زوبعة التسويق الكاذب تمت محاصرة الثالوث الكذاب وثبت انه (تزوير شريط من خلال عمل مركب) حيث تم اقتطاع اجزاء من حديث المرزوقي عن الاوضاع المضظربة اقليميا خاصة في سوريا كذلك في ليبيا واليمن وتم تحويلها الى الشأن التونسي لمغالطة الراي العام الوطني التونسي.
تهور بمثل هذا الحجم يمر الى القضاء وتثبت الادانة ولكن الثلاثي السفيه ظل يرتع في الاعلام كذبا وافتراء الى حد الساعة ولا رادع لهم… بل ويواصلون الخوض في المواضيع السياسية الحساسة، كما يحلو لهم، مما يؤكد وجود غطاء سياسي واعلامي لمثل هؤلاء.
مثل هذه (الافلام الواقعية) تشعرنا ان تونس لا تتمتع بالاستقلال الداخلي وانها تقع تحت استعمار مافيات ولوبيات… ومن المذهل ان مهندس الرئيسي للفيديو المفبرك نور الدين بن تيشة تمت تسميته (مستشارا بالقصر الرئاسي) رغم انه عمل في الحملة الانتخابية الرئاسية لمصطفى كمال النابلي… بل وتحدث بسوء عن المرشح الرئاسي آنذاك الباجي قائد السبسي… أسئلة حائرة تبقى معلقة في فضاء الاستقلال الداخلي الذي لا ياتي.

يسقط الاستعمار الداخلي


اكتشاف المزيد من تدوينات

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

شاهد أيضاً

إسماعيل بوسروال

ليبيا.. لا تفاخر بالحياد، يا سيادة الرئيس !

إسماعيل بوسروال أصدرت رئاسة الجمهورية بلاغين عن اتصالين هاتفيين الأول أشار الى تواصل هاتفي بين …

إسماعيل بوسروال

رئيس الجمهورية في النظام البرلماني ليس فرعون مصر

إسماعيل بوسروال 1. خطاب المعايدة… نبرة سياسية استمعت الى خطاب رئيس الجمهورية قيس سعيد لتهنئة …

اترك تعليق